تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كرو]:

صفحة 124 - الجزء 20

  وقالَ أبو الهَيْثَم: سُمِّيَ الكَرَوانُ كَرَواناً بضدِّه لأنَّه لا ينامُ بالليْلِ، وقيل: هو طائِرٌ يُشْبِهُ البَطَّ.

  وقيلَ: طائِرٌ طَوِيلُ الرِّجْلَيْن أَغْبَر دُونَ الدَّجَاجَةِ في الخَلْقِ، وله صَوْتٌ حَسَنٌ يكونُ بمِصْر مع الطّيورِ الدَّاجِنَةِ، وهي من طيورِ الرِّيف والقُرَى لا تكونُ في البادِيَةِ.

  * قُلْت: وهذا القولُ الأخيرُ هو الصَّحيحُ.

  ج كَرَاوِينُ، قالوا ذلك كما قالوا وَرَاشِينَ، وهو قَليلٌ؛ ويُنْشَدُ في صفَةِ صَقْر لأبي زغبٍ دلم العَبْشَميّ:

  عَنَّ له أَعْرَفُ ضافي العُنْثُونْ ... داهِيَةً صِلَّ صَفاً دُرَخْمِيْنْ

  حَتْفَ الحُبارَيَاتِ والكَراوِينْ⁣(⁣١)

  قال ابنُ سِيدَه: ولم يَعْرِفْ سِيْبَوَيْه في جَمْعِ الكَرَوانِ إلَّا كِرْوان، بالكسْر، فوَجْهه على أنَّهم جَمَعُوا كَراً.

  وقال الجَوْهرِي: هو على غيرِ قِياسٍ كما إذا جَمَعْتَ الوَرشانَ قُلْت: وِرْشانٌ، وهو جَمْعٌ بحذْفِ الزَّوائِدِ، كأنَّهم جَمَعُوا كَراً مِثل أخٍ وإخْوان.

  ويقالُ للذَّكَرِ الكَرَا، وهو يُكْتَبُ بالألِفِ؛ قالَهُ القالِي؛ وأَنْشَدَ للراجِزِ:

  أَطْرِقْ كَرَا أَطْرِقْ كَرا ... إِنَّ النَّعامَ فِي القُرَى⁣(⁣٢)

  يقالُ ذلكَ له إذا صيدَ؛ كما في الصِّحاح.

  وفي الأساس: يقالُ للكَرَوانِ: «أَطْرِقْ كَرا إنَّك لَنْ تُرَى»، فإذا سَمِعَها لَبَدَ بالأرضِ فيُلْقى عليه ثَوْبٌ فيُصادُ.

  وفي المُحْكم: أَطْرِقْ كَرا أَطْرِق كَرَا.

  * إنَّ النَّعَامَ في القُرَى: مَثَلٌ يُضْرَبُ لمَنْ يُخْدَعُ بِكَلامٍ يُلَطَّفُ له ويُرادُ به الغائِلَةُ؛ وقيلَ: يُضْرَبُ لمَنْ يُتَكلَّم عِنْدَه بكَلامٍ فيَظِنُّ أنَّه هو المُرادُ بالكَلامِ، أي اسْكُتْ فإنِّي أُريدُ مَنْ هو أَنْبَلُ منْكَ وأَرْفَع مَنْزِلَةً.

  وقالَ أحمدُ بنُ عبيدٍ: يُضْرَبُ للرَّجُلِ الحَقِيرِ إذا تكلَّمَ في الموْضِعِ الذي لا يُشْبهُهُ وأَمْثالَه الكَلامُ فيه، فيُقالُ له: اسْكتْ يا حَقِير فإنَّ الأجلَّاءَ أَوْلَى بهذا الكَلامِ مِنْك؛ والكَرَا هو الكَرَوانُ، وهو طائِرٌ صَغِيرٌ فخُوطِبَ الكَروانُ والمَعْنى لغيرِهِ، ويُشَبَّه الكَرَوانُ بالذَّلِيلِ، والنَّعامُ بالأعِزَّةِ، ومَعْنى أَطْرِقْ، أَي غُضَّ ما دامَ عَزِيزٌ في القُرَى فإيَّاك أن تَنْطقَ أيُّها الذَّليلُ، ولا تَتَشرَّف للذي لسَتْ له بنَدِّ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه والقالِي. وقد جَعَلَه محمدُ بنُ يزيدٍ تَرْخِيمَ الكَرَوانِ فغَلِطَ.

  وقالَ ابنُ هانِئٍ في قوْلِهِم: أَطْرِق كَرَا، رُخِّم الكَرَوانُ وهو نَكرَةٌ، كما قال بعضُهم يا قُنْفُ، يُريدُ يا قُنْفُذ، قالَ: وإنَّما يُرَخَّم في الدّعاءِ المَعارِف نَحْو مالِكٍ وعَامِرٍ، ولا تُرَخَّم النَّكِرَةُ نَحْو غُلامٍ، فرُخِّم كَروانٌ وهو نَكِرَةٌ، وجُعِل الواوُ أَلفاً، فصارَ نادِراً.

  وقالَ الرستمي: الكَرَا هو الكَرَوانُ، حَرْفٌ مَقْصورٌ، والصَّوابُ الأوَّل لأنَّ التَّرْخِيمَ لا يُسْتَعْمل إلَّا في النِّداءِ.

  والكُرَةُ، كثُبَةٍ: مَعْروفَةٌ وهي ما أَدَرْتَ من شيءٍ.

  وفي الصِّحاح: هي التي تُضْرَب بالصَّوْلجانِ، وأَصْلُها كُرَوٌ، والهاءُ عِوَضٌ؛ ج كُرِينَ، بالضَّمِّ، وكِرِينَ، بالكسْرِ، وكُرًى وكُراتٌ، بضمِّهِما؛ الثَّالِثَةُ عن الزَّمَخْشري. شاهِدُ الكُرَةِ قولُ بعضِهم:

  كرة طرحت بصوالجة ... فتلقفها رجل رجل

  وشاهِدُ الكُرِيْن قولُ الآخَرِ:

  يُدَهْدِين الرُّؤوسَ كما يُدَهْدي ... حَزاوِرةٌ بأيْدِيها الكُرينا⁣(⁣٣)

  وشاهِدُ كُراتٍ قولُ لَيْلى الأخْيَلِية تصِفُ قَطاةً تَدلَّت على فِراخِها:


(١) اللسان والأخير في الصحاح.

(٢) الصحاح والمقاييس ٥/ ١٧٥ وفيها «إن النعامة».

(٣) اللسان وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: بأيديها، أنشده في اللسان في مادة دهده: بأبطحها».