تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع الواو والياء

صفحة 229 - الجزء 20

  ويقالُ: هُم نَحايا الأحْزانِ.

  وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  نَحاهُ نَحياً: صَيَّرَه في ناحِيَةٍ؛ وبه فُسِّر قولُ طريف العَبْسي:

  نَحاهُ للَحْدٍ زِبْرِقانُ وحارِثٌ ... وفي الأرضِ للأقْوامِ بَعْدَك غُوَّلُ⁣(⁣١)

  أَي صَيَّرا هذا المَيِّت في ناحِيَةِ القَبْر.

  والمَنْحاةُ: ما بينَ البِئْرِ إلى مُنْتَهَى السَّانيةِ؛ قال جرير:

  لقد ولدَتْ أُمُّ الفَرَزْدقِ فَخَّةً ... تَرَى بَيْنَ فَخْذَيْها مَناحِيَ أَرْبَعا

  وقال الأزْهري: المَنْحاةُ مُنْتَهَى مَذْهبِ السَّانيةِ، ورُبَّما وُضِعَ عنْدَه حَجَرٌ ليَعْلم قائِدُ السَّانيةِ أنَّه المُنْتَهَى فيَتَيَاسَر⁣(⁣٢) مُنْعطِفاً لأنَّه إذا جاوَزَه تقطَّع الغَرْبُ وأَداتُه، وأنْشَدَ ابن برِّي:

  كأَنَّ عَيْنيَّ وقد بانُوني ... غَرْبانِ في مَنْحاةِ مَنْجنُونِ

  وفي المَثَل: أَشْغَلُ مِن ذاتِ النِّحْيَيْنِ⁣(⁣٣)؛ تَركَهُ المصنِّفُ هنا وفي شغل، وهو واجبُ الذِّكْر.

  قال الجَوْهري: هي امْرأَةٌ من تيمِ الله بنِ ثَعْلبة، كانتْ تَبِيعُ السَّمْنَ في الجاهِليَّةِ فأَتَاها خَوَّاتُ بنُ جُبَيْر الأنْصارِي فساوَمَها فحلَّتْ⁣(⁣٤) نِحْياً مَمْلوءاً، فقال: امْسِكِيه حتى أَنْظُر إلى غيرِهِ، فلمَّا شَغَل يَدَيْها ساوَرَها حتى قَضَى ما أَرادَ وهَرَبَ، وقالَ في ذلك:

  وذاتِ عِيالٍ واثِقِينَ بعَقْلِها ... خَلَجْتُ لها جارَاسْتِها خَلَجاتِ

  وشَدَّتْ يَدَيْها⁣(⁣٥) إذ أَرَدْتُ خِلاطَها ... بنِحْيَيْنِ مِن سَمْنٍ ذَوَي عُجَراتِ⁣(⁣٦)

  فكانتْ لها الوَيْلاتُ مِن تَرْكِ سَمْنِها ... ورَجْعَتِها صِفْراً بغير بتاتِ

  فشَدَّتْ على النِّحْيَيْنِ كَفًّا شَحِيحةً ... على سَمْنِها والفَتْكُ مِن فَعَلاتي

  ثم أَسْلَم خَوَّاتُ وشَهِدَ بَدْراً.

  قال ابنُ برِّي: قال عليُّ بنُ حَمْزة: الصَّحيحُ أنَّها امْرأَةٌ مِن هُذَيْل، وهي حَوْلَةُ أُمُّ بشِير⁣(⁣٧) بن عائِدٍ، ويُحْكَى أنَّ أَسَدِيًّا وهُذَليًّا افْتَخَرَا ورَضِيا بإنْسانٍ يَحْكُم بَيْنهما فقال: يا أَخا هُذَيْل كيفَ تُفاخِرُونَ العَرَبَ وفيكم خِلالٌ ثَلاثَة⁣(⁣٨): منكم دَليلُ الحَبَشَةِ على الكَعبةِ، ومنكم خَوْلَةُ ذاتُ النِّحْيين، وسأَلْتُم رَسُولَ الله، ، أَن يُحلِّلَ لكم الزِّنا؛ والرِّوايَةُ الصَّحِيحةُ: كَفَّيْ شَحِيحةٍ. مُثَنَّى كَفّ.

  قال ابنُ برِّي: ويُقَوِّي قولَ الجَوْهري قولُ العُدَيْل بنِ الفرْجِ يَهْجُو رجُلاً من تيمِ الله فقال:

  تَزَحْزَحْ يا ابنَ تَيْمِ الله عنَّا ... فما بَكْرٌ أبُوكَ ولا تَمِيمُ

  لكلِّ قَبيلةٍ بَدْرٌ ونَجْمٌ ... وتَيْمُ الله ليس لها نُجُومُ

  أُناسٌ رَبَّةُ النِّحْيَيْنِ مِنْهُمْ ... فعُدُّوها إذا عُدَّ الصَّمِيمُ⁣(⁣٩)

  ا ه.

  وناحَيْتُه مُناحاةً: صِرْتُ نَحْوه وصارَ نَحْوِي.

  ويقالُ: تَنَحَّ عَنِّي يا رَجُل، أَي ابْعدْ.


(١) اللسان، وصدره في الصحاح بدون نسبة.

(٢) في التهذيب: فيتيسَّر.

(٣) المثل في مجمع الأمثال للميداني رقم ٢٠٢٩.

(٤) في الميداني: «فخلَّت» والأصل كالصحاح واللسان والتهذيب.

(٥) في الميداني: «شغلت يديها» والمثبت كالصحاح واللسان والتهذيب.

(٦) بعده في الميداني، وقد سقط من المصادر السابقة:

فأخرجته ريان ينطق رأسه ... من الرامك المدموم بالمقرات

(٧) في اللسان: بشر.

(٨) الصواب: ثلاث.

(٩) الأبيات في اللسان والأخير في مجمع الميداني.