تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع الواو والياء

صفحة 233 - الجزء 20

  أَنْدِيَة؛ وأنْشَدَ لمرَّة بن مَحْكانَ التِّيمي:

  في لَيْلةٍ من جُمادِى ذاتِ أَنْدِيةٍ ... لا يُبْصِرُ الكلبُ من ظَلْمائِها الطُّنُبا⁣(⁣١)

  وهو شاذٌّ لأنّه جَمْعُ ما كانَ مَمْدوداً مِثْل كِساءٍ وأَكْسِيَةٍ، انتَهَى.

  قال ابنُ سِيدَه: وذَهَبَ قوْمٌ إلى أَنَّه تَكْسيرٌ نادِرٌ، وقيلَ: جَمَعَ نَداً على أنْداءٍ، وأنْداءً على نِداءٍ، ونِداءً على أَنْدِيَةٍ كرِدَاءٍ وأَرْدِيَةٍ، وقيلَ: لا يريدُ به أَفْعِلةً نَحْو أَحْمِرةٍ وأَقْفِزَةٍ كما ذهَبَ إليه الكافَّة، ولكن يجوزُ أَن يريدَ أَفْعُلةً، بضم العَيْن، تَأْنِيث أَفْعُل وجَمَعَ فَعَلاء⁣(⁣٢) على أَفْعُلٍ كما قالوا أَحْبُلٌ أَزْمُنٌ، وأَرْسُنٌ، وأَمَّا محمدُ بنُ يزيد فذَهَبَ إلى أَنَّه جَمْعُ نَدِيٍّ، وذلكَ أنَّهم يَجْتَمِعُونَ في مجالِسِهم لقِرَى الأضْيافِ.

  ومن المجازِ: المُنْدِيَةُ، كمُحْسِنَةٍ: الكَرِيمةُ⁣(⁣٣) التي يَنْدَى، أَي يَعْرَقُ، لها الجَبينُ حَياءً.

  والنُّداءُ، بالضَّمِّ والكسر؛ وفي الصِّحاح: النِّداءُ الصَّوتُ، وقد يُضَمُّ مِثْلُ الدُّعاءِ والرُّغاءِ، وما أَدَقّ ونَظَر الجَوْهري في سِياقِه.

  وقالَ الرَّاغبُ: النِّداءُ: رَفْعُ الصَّوتِ المُجرَّدِ، وإِيَّاه قَصَدَ بقولِه، ø: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلّا دُعاءً وَنِداءً}⁣(⁣٤)، أَي لا يَعْرفُ إلَّا الصَّوت المجرَّد دُونَ المَعْنى الذي يَقْتَضِيه تَرْتِيبُ⁣(⁣٥) الكَلامِ، ويقالُ للحَرْفِ الذي فهمَ منه المَعْنى ذلكَ، قالَ: واسْتِعارَةُ النّداءِ للصَّوْت مِن حيثُ أنَّ مَنْ تَكْثرُ رُطُوبَة فَمِه حَسُن كَلامُه، ولهذا يُوصَفُ الفَصِيحُ بكَثْرةِ الرِّيق.

  ونادَيْتُه ونادَيْتُ به مُنادَاةً ونِداءً: صاحَ به.

  والنَّدَى، كفَتَى: بُعْدُه، أَي بُعْدُ مَذْهَب الصَّوْت؛ ومنه: هو نَدِيُّ الصَّوْتِ، كغَنِيٍّ: أَي بِعيدُه، أَو طَرِيُّه.

  ونَخْلَةٌ⁣(⁣٦) نادِيَةٌ: بَعِيدَةٌ عن الماءِ، والجَمْعُ النَّوادِي والنَّادِياتِ.

  والنَّداتانِ من الفَرَسِ: ما فَوْقَ السُّرّة: وقيلَ: ما يَلِي؛ وفي المحْكم: الغرُّ الذي يَلِي؛ باطِنَ الفائِلِ الواحِدَةُ نَداةٌ؛ وتقدَّمَ ذِكْرُ الفائِلِ في اللَّام.

  وتنادوا: نادَى بعضُهم بعضاً.

  وأيْضاً: تَجالَسُوا في النَّادِي؛ كما في الصِّحاحِ؛ وأنْشَدَ للمُرَقَّش:

  والعَدْوَ بَيْنَ المَجْلِسَيْنِ إذا ... آدَ العَشِيُّ وتَنادَى العَمّ⁣(⁣٧)

  ونَدَت ناقةٌ تَنْدُو إلى نُوقٍ كِرامٍ وإلى أعْراقٍ كَرِيمةٍ: أَي تَنْزِعُ إليها في النَّسَبِ؛ وأَنْشَدَ اللّيْث:

  تَنْدُو نَوادِيها إليَّ صَلا خِدا⁣(⁣٨)

  والمُنْدِياتُ: المُخْزِياتُ؛ عن أَبي عَمْرٍو؛ وهي التي يَعْرقُ منها جَبِينُ صاحِبِها عَرقاً؛ وهو مجازٌ، وقد تقدَّمَ؛ وأنْشَدَ ابنُ برِّي لأَوْسِ بنِ حَجَر:

  طُلْس العِشاءِ إذا ما جَنَّ لَيْلُهُمُ ... بالمُنْدِياتِ إلى جاراتِهم ولف⁣(⁣٩)

  قالَ: وقالَ الرَّاعِي:

  وإِنَّ أَبا ثَوْبانَ يَزْجُرُ قَوْمَهُ ... عن المُنْدِياتِ وهْوَ أَحْمَقُ فاجِرُ⁣(⁣١٠)

  ونَدِيَ الشَّيءُ كرَضِيَ، فهو نَدٍ: أَي ابْتَلَّ. وأَنْدَيْتُه ونَدَّيْتُه إنْداءً وتَنْديةً: بَلَّلْتُه؛ ومنه نَدِيَتْ لَيْلَتُنا فهي نَدِيَةٌ،


(١) اللسان والصحاح.

(٢) في اللسان: «فعلاً ... أَجبُلٌ وأزمُنٌ».

(٣) في القاموس: الكَلِمَةُ.

(٤) سورة البقرة، الآية ١٧١.

(٥) في المفردات: «تركيب الكلام، ويقال للمركب الذي يفهم ...».

(٦) في القاموس: ونَخْلٌ.

(٧) المفضلية ٥٤ للمرقش الأكبر، البيت ٣٤ برواية: «إذا ولّى العشيّ» والمثبت كرواية اللسان والصحاح ونسباه للمرقش.

(٨) اللسان والتهذيب برواية: «إلى صلاخدا».

(٩) ديوانه ط بيروت ص ٧٥ برواية «دلف» وفي اللسان: «طلس الغشاء دلف».

(١٠) ديوان الراعي النميري ط بيروت ص ١١٥ وانظر تخريجه فيه.