فصل النون مع الواو والياء
  أَنْدِيَة؛ وأنْشَدَ لمرَّة بن مَحْكانَ التِّيمي:
  في لَيْلةٍ من جُمادِى ذاتِ أَنْدِيةٍ ... لا يُبْصِرُ الكلبُ من ظَلْمائِها الطُّنُبا(١)
  وهو شاذٌّ لأنّه جَمْعُ ما كانَ مَمْدوداً مِثْل كِساءٍ وأَكْسِيَةٍ، انتَهَى.
  قال ابنُ سِيدَه: وذَهَبَ قوْمٌ إلى أَنَّه تَكْسيرٌ نادِرٌ، وقيلَ: جَمَعَ نَداً على أنْداءٍ، وأنْداءً على نِداءٍ، ونِداءً على أَنْدِيَةٍ كرِدَاءٍ وأَرْدِيَةٍ، وقيلَ: لا يريدُ به أَفْعِلةً نَحْو أَحْمِرةٍ وأَقْفِزَةٍ كما ذهَبَ إليه الكافَّة، ولكن يجوزُ أَن يريدَ أَفْعُلةً، بضم العَيْن، تَأْنِيث أَفْعُل وجَمَعَ فَعَلاء(٢) على أَفْعُلٍ كما قالوا أَحْبُلٌ أَزْمُنٌ، وأَرْسُنٌ، وأَمَّا محمدُ بنُ يزيد فذَهَبَ إلى أَنَّه جَمْعُ نَدِيٍّ، وذلكَ أنَّهم يَجْتَمِعُونَ في مجالِسِهم لقِرَى الأضْيافِ.
  ومن المجازِ: المُنْدِيَةُ، كمُحْسِنَةٍ: الكَرِيمةُ(٣) التي يَنْدَى، أَي يَعْرَقُ، لها الجَبينُ حَياءً.
  والنُّداءُ، بالضَّمِّ والكسر؛ وفي الصِّحاح: النِّداءُ الصَّوتُ، وقد يُضَمُّ مِثْلُ الدُّعاءِ والرُّغاءِ، وما أَدَقّ ونَظَر الجَوْهري في سِياقِه.
  وقالَ الرَّاغبُ: النِّداءُ: رَفْعُ الصَّوتِ المُجرَّدِ، وإِيَّاه قَصَدَ بقولِه، ø: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلّا دُعاءً وَنِداءً}(٤)، أَي لا يَعْرفُ إلَّا الصَّوت المجرَّد دُونَ المَعْنى الذي يَقْتَضِيه تَرْتِيبُ(٥) الكَلامِ، ويقالُ للحَرْفِ الذي فهمَ منه المَعْنى ذلكَ، قالَ: واسْتِعارَةُ النّداءِ للصَّوْت مِن حيثُ أنَّ مَنْ تَكْثرُ رُطُوبَة فَمِه حَسُن كَلامُه، ولهذا يُوصَفُ الفَصِيحُ بكَثْرةِ الرِّيق.
  ونادَيْتُه ونادَيْتُ به مُنادَاةً ونِداءً: صاحَ به.
  والنَّدَى، كفَتَى: بُعْدُه، أَي بُعْدُ مَذْهَب الصَّوْت؛ ومنه: هو نَدِيُّ الصَّوْتِ، كغَنِيٍّ: أَي بِعيدُه، أَو طَرِيُّه.
  ونَخْلَةٌ(٦) نادِيَةٌ: بَعِيدَةٌ عن الماءِ، والجَمْعُ النَّوادِي والنَّادِياتِ.
  والنَّداتانِ من الفَرَسِ: ما فَوْقَ السُّرّة: وقيلَ: ما يَلِي؛ وفي المحْكم: الغرُّ الذي يَلِي؛ باطِنَ الفائِلِ الواحِدَةُ نَداةٌ؛ وتقدَّمَ ذِكْرُ الفائِلِ في اللَّام.
  وتنادوا: نادَى بعضُهم بعضاً.
  وأيْضاً: تَجالَسُوا في النَّادِي؛ كما في الصِّحاحِ؛ وأنْشَدَ للمُرَقَّش:
  والعَدْوَ بَيْنَ المَجْلِسَيْنِ إذا ... آدَ العَشِيُّ وتَنادَى العَمّ(٧)
  ونَدَت ناقةٌ تَنْدُو إلى نُوقٍ كِرامٍ وإلى أعْراقٍ كَرِيمةٍ: أَي تَنْزِعُ إليها في النَّسَبِ؛ وأَنْشَدَ اللّيْث:
  تَنْدُو نَوادِيها إليَّ صَلا خِدا(٨)
  والمُنْدِياتُ: المُخْزِياتُ؛ عن أَبي عَمْرٍو؛ وهي التي يَعْرقُ منها جَبِينُ صاحِبِها عَرقاً؛ وهو مجازٌ، وقد تقدَّمَ؛ وأنْشَدَ ابنُ برِّي لأَوْسِ بنِ حَجَر:
  طُلْس العِشاءِ إذا ما جَنَّ لَيْلُهُمُ ... بالمُنْدِياتِ إلى جاراتِهم ولف(٩)
  قالَ: وقالَ الرَّاعِي:
  وإِنَّ أَبا ثَوْبانَ يَزْجُرُ قَوْمَهُ ... عن المُنْدِياتِ وهْوَ أَحْمَقُ فاجِرُ(١٠)
  ونَدِيَ الشَّيءُ كرَضِيَ، فهو نَدٍ: أَي ابْتَلَّ. وأَنْدَيْتُه ونَدَّيْتُه إنْداءً وتَنْديةً: بَلَّلْتُه؛ ومنه نَدِيَتْ لَيْلَتُنا فهي نَدِيَةٌ،
(١) اللسان والصحاح.
(٢) في اللسان: «فعلاً ... أَجبُلٌ وأزمُنٌ».
(٣) في القاموس: الكَلِمَةُ.
(٤) سورة البقرة، الآية ١٧١.
(٥) في المفردات: «تركيب الكلام، ويقال للمركب الذي يفهم ...».
(٦) في القاموس: ونَخْلٌ.
(٧) المفضلية ٥٤ للمرقش الأكبر، البيت ٣٤ برواية: «إذا ولّى العشيّ» والمثبت كرواية اللسان والصحاح ونسباه للمرقش.
(٨) اللسان والتهذيب برواية: «إلى صلاخدا».
(٩) ديوانه ط بيروت ص ٧٥ برواية «دلف» وفي اللسان: «طلس الغشاء دلف».
(١٠) ديوان الراعي النميري ط بيروت ص ١١٥ وانظر تخريجه فيه.