تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هذب]:

صفحة 488 - الجزء 2

  وفَرَسٌ هَدِبٌ: طويلُ شَعَر النّاصِيَة.

  والهُدْبَانُ من جياد الخيلِ عندَهم، وينقَسمُ إِلى بيوت.

  قالَ الأَزهريُّ: والعَبَلُ⁣(⁣١)، مثلُ الهَدَبِ سواءٌ.

  والأَهْدَابُ - في قول أَبي ذُؤَيْبٍ:

  يَسْتَنُّ في عُرُض الصَّحْرَاءِ فائرُهُ⁣(⁣٢) ... كَأَنَّهُ سَبِطُ الأَهْدَابِ مَمْلُوحُ

  الأَكْتَافُ، قاله ابْنُ سيدَهْ، وأَنكره.

  وفي التَّهذيب: أَهْدَب الشَّجَرُ: إِذا خَرَج هُدْبُه.

  وذكر الجوهريُّ وابْنُ منظورٍ هنا، الهِنْدَبَ والهنْدَبَا، وسيأْتي في كلام المصنِّف فيما بعدُ.

  وفي الأَساسِ، في المَجَاز: وضَرَبَه، فبَدَا هُدْبُ بَطْنِه، أَي: ثَرْبُهُ، هكذا وجَدتُه، وهو خطأٌ، وصوابُه: هُرْب، بالرّاءِ، كما سيأْتي في موضعه.

  [هذب]: هذَبَهُ، يَهْذِبُه، هَذْباً: قَطَعهُ، كَهَدبَهُ، بالدّال المُهْملة، ولم يذكُرْه ابْنُ منظور والجوْهَرِيُّ، وهو في الأَساس⁣(⁣٣).

  وهَذَبَه: نَقَّاهُ، في الصَّحاح: التَّهْذيبُ كالتَّنقية وأَخْلَصَهُ، وقيل: أَصْلَحَهُ، هذَبَهُ، يَهْذِبُهُ، هَذْباً، كهَذَّبَهُ تَهذيباً.

  وهَذَبَ النَّخْلَةَ: نَقَّى عَنْهَا اللِّيفَ.

  قال شيخُنا، نقلاً عن أَهل الاشتقاق: أَصلُ التَّهْذيبِ والهَذْبِ: تَنْقيَةُ الأَشجارِ بقَطْع الأَطراف، تَزيدُ⁣(⁣٤) نُمُوًّا وحُسْناً، ثمّ استعملوه في تنقيةِ كلّ شَيءٍ وإِصلاحه وتخليصه من الشّوَائب، حتَّى صار حقيقةً عُرْفيَّةً في ذلك، ثمّ استعملوه في تَنْقيحِ الشِّعْرِ وتَزْيينه وتَخْلِيصه ممّا يَشينُهُ عندَ الفُصَحاءِ وأَهْل اللِّسَان. انتهى. قلتُ. والصَّحيحُ ما في اللِّسَان: أَنّ أَصلَ التَّهْذيب تنقيةُ الحنظل من شَحْمه، ومُعَالَجَةُ حَبِّه، حتّى تَذْهَبَ مَرارتُه، ويَطيبَ [لآكله]⁣(⁣٥)؛ ومنه قولُ أَوْس:

  أَلَمْ تَرَيا إِذْ جِئْتُمَا أَنَّ لَحْمَها ... بهِ طَعْمُ شَرْيٍ لَمْ يُهَذَّبْ وحَنْظَلِ

  وهَذَبَ الشَّيْءُ، يَهْذِبُ، هَذْباً: سالَ وهَذَبَ الرَّجُلُ في مَشْيِه، وغَيْرُهُ كالفَرَس في عَدْوِه، والطَّائر في طَيرانه، يَهْذِبُ، هَذْباً بفتح فسكون، وهَذَابَةً، كسَحابَة: أَسْرَعَ، كأَهْذَبَ إِهْذَاباً، وهَذَّبَ تَهْذِيباً، كلّ ذلك من الإِسْرَاع. وفي⁣(⁣٦) حديث سرِيَّة عبد الله بْنِ جَحْش⁣(⁣٦): «إِنِّي أَخْشَى عليكم الطَّلَبَ، فهَذِّبُوا» أَي: أَسْرعُوا السَّيْرَ، وفي حديث أَبي ذَرٍّ: «فجَعَلَ يُهْذبُ الرُّكُوعَ»، أَي: يُسْرِعُ فيه، ويُتَابَعُهُ.

  وأَمّا قولُه: هاذَبَ، فقد حكاه يعقوبُ، قالَ: الطَّيْرُ يُهاذِبُ في طَيَرانه: أَي يَمُرُّ مَرًّا سريعاً؛ وهكذا أَنشدَ بيتَ أَبي خِراش:

  يُبادِرُ جُنْحَ اللَّيْلِ فهْوَ مُهاذِبٌ ... يَحُثُّ الجَنَاحَ بالتَّبَسُّط والقَبْضِ

  والَّذي قرأْتُ في ديوان شعره: فهو مُهابِذٌ⁣(⁣٧). قال لي الأَصمعيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبي طَرَفة يُنْشِدُ: مُهابِذٌ، وإِنَّما أَرادَ: مُهاذبُ، فَقَلَبَهُ، فقال: مُهابِذٌ، يُقال: يهذب⁣(⁣٨) إِذا عدا عَدْواً شديداً. وقد سمَعْتُ غيرَه يقولُ: مُهابِذٌ، أَي: جادٌّ. انتهى.

  والإِهذابُ، والتَّهْذِيبُ: الإِسراعُ في الطَّيَرَانِ، والعَدْوِ، والكلامِ؛ قال امرُؤُ القَيْس:

  فلِلسّاق أُلْهُوبٌ وللسَّوْط دِرَّةٌ ... وللزَّجْر منهُ وقْعُ أَخْرَجَ مُهْذِبِ

  ووَجدْتُ في الهامش: كان في المَتْن بخطِّ أَبي سَهْل:

  وللزَّجْر منه وَقْعُ أَخْرجَ مُهْذبِ


(١) كذا بالأصل واللسان، وفي التهذيب: والقَبَلُ.

(٢) في الأصل «صحراء فائده» وما أثبتناه عن اللسان. وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله فائده كذا بخطه والذي في اللسان في مادة ملح فائره وهو الصواب. قال فيه بعد إنشاء البيت: يعني البحر شبه السراب به.»

(٣) لم يرد هذا المعنى في الأساس.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: قوله تزيد لعله لتزيد.

(٥) زيادة عن اللسان.

(٦) في التهذيب: وفي بعض الأخبار.

(٧) ومثله في التهذيب (هبذ).

(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله يهذب لعله: هذب يهذب.