تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هرجب]:

صفحة 490 - الجزء 2

  وهذِه عن الصّاغَانيّ، لمَا فيه من الجَولَانِ والاضْطِرَاب: فَرَّ، يكونُ ذلك للإِنسان وغيرِه من أَنواع الحَيَوان.

  وهَرَّبَ غَيْرَه تَهْرِيباً، وهَرَّبْتُهُ أَنا.

  ويقال: هَرَبَ مِن الوَتِدِ نصْفُهُ [في الأَرْض]⁣(⁣١): أَي غابَ، قال أَبو وَجْزَةَ⁣(⁣٢):

  ومُجْنَأً كإِزاءِ الحَوْض مُنْثَلِماً ... ورُمَّةً نَشبَتْ في هارِبِ الوَتِدِ

  هكذا وقع في عبارة أَئمّة اللُّغَة، ولا قَلقَ فيها كما زعمه شيخُنا، وما صوَّبَهُ، لا يخلُو عن تأَمُّل.

  وقال بعضُهُم: أَهْرَبَ فلانٌ، أَي أَغْرَقَ في الأَمْرِ، من تهذيب ابن القَطَّاع.

  وأَهْرَبَ: جَدَّ في الذَّهَاب مَذْعُوراً، أَو غيرَ مذعور.

  وقال اللِّحْيَانيُّ: يكون ذلك للْفَرَس وغيره ممّا يَعْدُو. وقال مَرَّةً: جاءَ مُهْرِباً: أَي جادًّا في الأَمر. وقيل: جاءَ مُهْرِباً إِذا أَتاكَ هارباً فَزِعاً. قلتُ: وعليه اقتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ.

  وأَهْرَبَت الرِّيحُ: سَفَتْ ما على وجه الأَرض من التُّراب والقَمِيمِ وغيرِه.

  وأَهْرَبَ فُلانٌ فُلاناً: إِذا اضْطَرَّهُ إِلى الهَرَب.

  وقال الأَصْمَعِيُّ في نَفْي المالِ⁣(⁣٣): مَالَهُ⁣(⁣٤) هَارِبٌ، ولا قارِبٌ: أَي صَادرٌ عن الماءِ، ولا وارِدٌ إِليه. وقال اللِّحيانيُّ: معناهُ أَي مالهُ شَيْءٌ ومالهُ قَوْمٌ؛ قال: ومثلُهُ: مالَهُ سَعْنَةٌ، ولا مَعْنَةٌ. وعن ابْنِ الأَعْرَابيّ: الهاربُ: الّذي صدر عن الماءِ، والقارِبُ: الّذي يَطْلُبُ الماءَ، أَو مَعْنَاهُ: لَيْسَ⁣(⁣٥) أَحَدٌ يَهْرُبُ مِنْهُ، ولا أَحَدٌ يَقْرُبُ إِلَيْه، أَي: فَلَيْسَ هو بِشَيْءٍ. وفي بعض النَسَخ: شيء، من غير مُوَحَّدَة، وهو أَحدُ أَقوالِ الأَصمعيّ. والمَيْدانِيُّ نَسَبَ القولَ الأَوَّلَ للخليل، وقد تَقَدَّم بعضٌ من ذلك في ق ر ب، فَلْيُرَاجَعْ وفي الحديث: قال لَه رجلٌ: «ما لي ولعيالِي هارِبٌ ولا قارِبٌ غَيْرُها»، أَي: مالِي صادرٌ عن الماءِ ولا وَارِدٌ سواها، يعني ناقَتَهُ.

  وعن ابن الأَعْرَابيّ: يُقالُ: هَرِبَ الرَّجُلُ، كَفَرِحَ: إِذا هَرِمَ، الميمُ لُغَةٌ في البَاءِ.

  ومن المجاز: ضَرَبَه فبدا هُرْبُ بَطْنه. الهُرْبُ، بالضَمِّ: ثَرْبُ البَطْن هو، بفتح المثلَّثَة فالسّكون، يَمَانيَةٌ، هنا مَحَلُّ ذِكْره، وقد صَحَّفَه الزَّمَخْشَريُّ فقال: هُدْبُ بطنه، بالدّال.

  وقد سبقتِ الإِشارة إِليه.

  والمِهْرَبُ، كمنْبَر: خَشَبةٌ يُقْبِلُ بها الزَّرّاع في حَرْثه، ويُدْبِرُ نقلَه الصّاغانيُّ.

  والهَاربِيَّةُ: مُوَيْهَةٌ لبني هاربَةَ بْن ذُبْيانَ بْن بَغيضِ بْنِ رَيْث بْن غَطَفانَ، وهم هارِبَةُ البَقْعاءِ إِخوةُ سَعْد وفَزارَةَ. وفي المعارف، لِابْن قتَيْبَةَ: وقد بادَتْ هاربَةُ، إِلَّا بَقِيَّةً يَسيرةً في بني سَعْد. وفي المُعْجَم: قال بشْرُ بنُ أَبي خازِم:

  ولم نهلكْ لمُرَّةَ إِذْ تَوَلَّوْا ... وسارُوا سَيْرَ هَارِبَةٍ فَغَادُوا⁣(⁣٦)

  وذلك لحرب كانت بينَهُمْ، فرَحَلُوا من غَطَفانَ، فَنَزَلُوا في بني ثَعْلَبَةَ بْن سَعْد، فعدادُهُم اليَوْمَ فيهم، وهم قليلٌ.

  قال هشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الكَلْبِيُّ: لم أَرَ هَارِبِيّاً قَطُّ.

  وسَمَّوْا هَرَّاباً، ومُهْرِباً، كشَدَّاد ومُحْسن.

  * ومما يُسْتدرَكُ عليه: فلانٌ لنا مَهْرَبٌ، وإِليك منك المَهْرَبُ. والمَهْرَبُ: مَوضعُ الهَرَب، وأَهْرَبَ الرَّجُلُ: إِذا أَبعَدَ في الأَرْض، وساحَ في الأَرْض وهَرَبَ فيها، بالفتح، وهَرُوبُ: من قُرَى صَنْعَاءَ باليَمَن. كذا في المُعْجَم.

  [هرجب]: الهِرْجابُ، بالكَسْر، والهِرْجَبُّ، كقِرْشَبٍّ؛ الأَخيرُ عن الصَّاغانيّ: الطَّوِيلُ من النّاس وغَيْرِهِم، ومن الإِبِل: الطَّوِيلةُ الضَّخْمَةُ، كالهِرْجال، والجَمْعُ: الهَراجيبُ، والهَرَاجيلُ. والهِرْجَابُ⁣(⁣٧): العَظيمُ الضَّخْمُ من كلِّ شيْءٍ،


(١) والسريع فيهما سقطت من التكملة.

(٢) زيادة عن التهذيب.

(٣) زيد في التهذيب: عن الرجل.

(٤) التهذيب: ما لفلان.

(٥) في التهذيب واللسان: ليس له أحدّ.

(٦) في الديوان: فغاروا.

(٧) اقتبس عن التهذيب في تفسيره لرجز رؤبة:

من كل قرواء وهِرجابٍ فُنُق

وانظر اللسان.