تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذو]:

صفحة 387 - الجزء 20

  التَّثْنيةِ قَرأَ: إنَّ هذانِ لَساحِرانِ لأنَّ أَلفَ ذا لا يَقَعُ فيها إعْرابٌ؛ وقد قيل: إنَّها لغةُ بلحارِثِ بنِ كعْبٍ، كذا في الصِّحاح.

  قال ابنُ برِّي عنْدَ قولِ الجَوْهرِي مَنْ أَسْقَطَ أَلفَ التَّثْنيةِ قرَأَ: إنَّ هذانِ لَساحِرانِ: هذا وَهمٌ مِن الجَوْهرِي لأنَّ أَلفَ التَّثْنيةِ حَرْفٌ زِيدَ لمعْنًى، فلا تَسقُط وتَبْقى الأَلفُ الأصْليَّةُ كما لم يَسْقُط التَّنْوين في: هذا قاضٍ، وتَبْقى الياءُ الأصْليَّةُ لأنَّ التَّنْوينَ زِيدَ لمعْنًى فلا يصحُّ حذْفهُ، انتَهَى.

  وتدخلُ الهاءُ على ذَاكَ فتقولُ: هذاكَا زيْدٌ، ولا تدخلُها على ذلِكَ ولا على أُولئِكَ كما تقدَّمَ، وتقولُ في التَّثْنيةِ رأَيْتُ ذَيْنِكَ الرَّجُلَيْن، وجاءَني ذانِكَ الرَّجُلانِ، ورُبَّما قالوا ذانِّكَ بتَشْديدِ النونِ.

  قال ابنُ برِّي: قُلِبَتِ اللامُ نُوناً وأُدْغِمتِ النُّون في النونِ، ومنهم مَنْ يقولُ تَشْديدُ النونِ عِوَضٌ مِن الألفِ المَحْذوفَةِ مِن ذا.

  قال الجَوْهرِي: وإنَّما شَدَّدوا النُّونَ في ذانِكَ تأْكيداً وتكْثيراً للاسْمِ لأنَّه بقي على حَرْفٍ واحدٍ كما أَدْخلُوا اللامَ على ذلكَ، وإنَّما يَفْعلونَ مثْلَ هذا في الأسْماءِ المُبْهمةِ لنُقصانِها؛ وأَمَّا ما أَنْشَدَه اللّحياني عن الكِسائي لجميلٍ:

  وأَتَى صَواحِبُها فَقُلْنَ هَذَا الذي ... مَنَحَ المَوَدَّةَ غَيْرَنا وجَفانا

  فإنَّه أَرادَ أَذا الذي، فأبْدلَ الهاءَ مِن الهَمْزةِ؛ وسَيَأتي للمصنِّفِ في الهاءِ المُبْدلَة قرِيباً.

  وقد اسْتُعْمِلَت ذا مَكان، الذي كقولهِ تعالى: {يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ}⁣(⁣١)، أَي ما الذي، فما مَرْفُوعةٌ بالابْتِداءِ وذا خَبَرُها، ويُنْفِقُونَ صِلَةُ ذا.

  وكَذلكَ هذا بمعْنَى الذي؛ ومنه قولُ الشاعرِ:

  عَدَسْ ما لعباد عليك امارةٌ ... نَجَوْتِ وهذا تَحْمِلينَ طليقُ⁣(⁣٢)

  أَي الذي.

  وقد تكونُ ذِي زائِدَةً؛ كما في حديثِ جريرٍ: «يطلعُ عَلَيْكم رجُلٌ مِن ذِي يمنٍ على وجْهِهِ مسْحَةٌ مِن ذِي ملكٍ».

  قال ابنُ الأثير: كذا أوْرَدَه أبو عُمر الزَّاهِد، وقالَ: إنَّها صلَةٌ أَي زائِدَةٌ.

  ويقالُ في تأْنِيثِ هذا: هذه مُنْطَلِقَة، وقال بعضُهم: هذي مُنْطلقَةٌ؛ قال ذو الرُّمّة:

  فهذِي طَواها بُعْدَ هذِي وهذه ... طَواها لهِذِي وخْدُها وانْسِلالُها⁣(⁣٣)

  وقال بعضُهم: هَذاتِ مُنْطَلقاتٌ⁣(⁣٤)، وهي شاذَّةٌ مَرْغوبٌ عنها؛ قال أَبو الهَيْثم: وقولُ الشاعرِ:

  تمنّى شبيبٌ مِنّةً ينفلت به ... وذا قطري لفّه منه وائلُ

  يُريدُ قطريًّا، وذا زائِدَةٌ.

  [ذو]: ذو، مَعْناها: صاحِبٌ، وهي كلمةٌ صِيغَت ليُتَوَصَّلَ بها إلى الوصفِ بالأَجْناسِ، وأَصْلُها ذَوا، ولذلكَ إذا سمي به تقولُ هذا ذَوا، قد جاءَ كذا في المُحْكم، والتَّثْنِيةُ ذَوانِ، ج ذَوُونَ، وهي ذاتُ للمُؤَنَّثِ، تقول: هي ذاتُ مالٍ.

  قال اللّيْث: فإذا وقفْتَ فمنهم مَنْ يَدَع التاءَ على حالِها ظاهِرَةً في الوُقُوف لكَثْرةِ ما جَرَتْ على اللِّسانِ، ومنهم مَنْ يردّ التاءَ إلى هاءِ التّأْنيثِ وهو القِياسُ: وتقولُ: هُما ذَواتانِ⁣(⁣٥)، وتسقُط النّون عنْدَ الإضافَةِ تقولُ: هُما ذَواتَا مالٍ، ويجوزُ في الشِّعْرِ ذَواتا⁣(⁣٦) مالٍ، والتَّمامُ أَحْسَن؛


(١) سورة البقرة، الآية ٢١٥.

(٢) البيت ليزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري الأغاني ١٨/ ١٩٦ ط دار الثقافة.

(٣) اللسان والتهذيب.

(٤) في اللسان والتهذيب: منطلقةٌ.

(٥) في القاموس: «ذاتانِ» والمثبت كاللسان والتهذيب.

(٦) في اللسان والتهذيب «ذاتا».