[يا]:
  * قُلْتُ: ومَشَى المصنِّفُ في كتابِه هذا على رأْيِ الكِسائي فإنَّه أَجازَ يَيَّيْتُ ياءً.
  وتأْتي على ثلاثَةِ أَوْجُهٍ: تكونُ ضَميراً للمُؤَنَّثِ* كتَقُومِينَ، للمُخاطبَةِ، وقُومِي للأَمْرِ. وفي الصِّحاحِ: وقد تكونُ عَلامَةَ التَّأْنيثِ كقولِكَ: إفْعَلي وأَنتِ تَفْعَلِينَ.
  وسَيَأتي للمصنِّفِ تِكْرارَ ذِكْر هذا الوَجْه.
  وحَرْفَ إنْكارٍ: نحو أَزَيْدَنِيهِ؛ وفي التهذيبِ: ومنها ياء الاستنكار، كقولِكَ: مَرَرْتُ بالحَسَن، فيقولُ المُجِيبُ مُسْتَنْكِراً لقولهِ: ألحَسَنِيهْ، مدَّ النونِ بياءٍ وأَلْحَقَ بها هاءَ الوَقْفِ.
  وحَرْفَ تَذْكارٍ نحوُ: قَدِي، ومنه قوله:
  قدني من نصر الخبيبين قدي
  وق مَرَّ في الدالِ.
  [يا]: ويا: حَرْفٌ لنِداءِ البَعِيدِ؛ وإيَّاه أَلغَزَ الحَرِيرِي في مَقامَاتِه فقال: وما العَامِل الذي يَتَّصِل آخِرُه بأَوَّلِه ويَعْمَل مَعْكوسُه مِثْلَ عَمَل وهو ياء ومَعْكوسُها، أَي وكِلْتاهُما مِن حُروفِ النِّداءِ، وعَمَلُها في الاسمِ المُنادَى على حُكْمٍ واحِدٍ، وإن كانتْ يا أَجْمَل في الكَلامِ وأَكْثَر في الاسْتِعمالِ، وقد اخْتارَ بعضُهم أَن يُنادِي بأَي القَرِيب فقط كالهَمْزةِ انتَهَى؛ وقال ابنُ الحاجِبِ في الكافِيَةِ: حُروفُ النِّداءِ خَمْسةٌ: يا وأيا وهيا وأَي والهَمْز للقَرِيبِ؛ وقال الزَّمَخْشري في المُفَصَّل: يا وأَيا وهيا للبَعِيدِ أَو لمَنْ هو بمنْزِلَةِ البَعيدِ مِن نائِمٍ أَو ساهٍ؛ وإليه يُشِيرُ قَوْل المصنِّفِ؛ حَقِيقَةً أَوْ حُكماً وقد يُنادَى بها القَرِيبُ تَوْكيداً؛ ومِن ذلكَ قولُ الدَّاعِي: يا الله يا رَبّ، وقد يكونُ ذلكَ هضماً لنَفْسِ الدَّاعِي لكَمالِ تَقْصِيرِه وبُعْده عن مَظانَّ القبولِ، وهذا لا يَتَمَخض(١) إلَّا على ما مَشَى عليه المصنِّفُ، كَوْنه لنِداءِ البَعِيدِ. وأَمَّا على قوْلِ ابنِ الحاجبِ القَائِل بالأعميّةِ فلا يحتاجُ إلى ذلِكَ؛ و** هي مُشْتَرَكةٌ بينَهما، أَي بينَ البَعِيدِ والقرِيبِ، أَو بَيْنَهما وبينَ المُتَوسِّطِ؛ وقال ابنُ كَيْسان: في حُروفِ النِّداءِ ثمانِيَةُ أَوْجُهٍ: يا زَيْدُ ووا زَيْدُ وأَ زَيْدُ وأَيا زَيْدُ وهَيا زَيْدُ وأَيْ زَيْدُ وآزَيْدُ وآي زَيْدُ، ولكلِّ شواهِدُ مَرَّ ذِكْرُها؛ وهي أَكْثَرُ حُروفِ النِّداءِ اسْتِعْمالاً، ولهذا لا يُقَدَّرُ عنْدَ الحذْفِ سِواها، نحوُ قوله تعالى: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا(٢)، أَي يا يُوسُفُ.
  قالَ الأزْهرِي: ورُبَّما قالوا: فلانٌ بِلا حَرْفِ النِّداءِ، أَي يا فُلانِ.
  ولا يُنادَى اسْمُ اللهِ تعالى، والاسْمُ المُستغاثُ، وأَيُّها وأَيَّتُها إلَّا بها ولا المَنْدوبُ إلَّا بها أَوْ بِوَا، كما تقدَّمَ.
  وفي اللُّبابِ: ولا يجوزُ(٣) حَذْف حَرْف النِّداءِ إلَّا مِن اسم الجِنْسِ واسْمِ الإشارَةِ والمُسْتغاثِ والمَنْدوبِ لمَا في الأوَّلَيْنِ مِن وُجُوهِ الحَذْفِ، وفي الثانيين مِن التَّخْفِيفِ المُنافى لمقْتَضاهُما نحوُ: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا}، وأَيُّها الرَّجُلُ، ومِثْل أَصْبح لَيْل، وافْتَد مَخْنُوق، وأَعْور عَيْنك، والحجر شاذ والتزم حَذْفه في اللهُمَّ لوُقُوعِ الميمِ خَلَفاً عنه.
  وإذا وَلِيَ يا ما ليسَ بمُضافٍ(٤) كالفِعْلِ في قوله تعالى: أَلا يَا اسْجُدوا(٥)، بالتَّخْفِيفِ في قِراءَةِ مَنْ قَرَأَ له؛ وقولُه، أَي الشمَّاخ:
  أَلَا يا اسْقِياني قبلَ غارةِ سِنْجالِ ... وقبل منا غادياتٍ وأوجالِ(٦)
  ويُرْوَى أَلَا يَا اصْبِحاني، ويُرْوَى: وآجالِ وسِنْجالِ، مَوْضِع؛ ذُكِرَ في مَوْضِعه؛ والحَرْفِ في نحوِ قوله تعالى: يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ(٧)، والحديث: «يا رُبَّ كاسِيَةٍ في الدُّنْيا عاريَةٌ يومَ القِيامَةِ؛ قد ذُكِرَ في المُعْتل.
(١) عن اللسان وبالأصل «بتمحض».
(*) كذا وبالقاموس: للمؤَنَّثَةِ.
(**) بالقاموس: «أو» بدل: و.
(٢) سورة يوسف، الآية ٢٩.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله ولا يجوز الخ هكذا بخطه، ولعل الصواب: ويجوز.
(٤) في القاموس ومغني اللبيب ص ٤٨٨ «بمُنادى».
(٥) سورة النمل، الآية ٢٥.
(٦) صدره من شواهد القاموس والشاهد ٧٠٢ من شواهد المغني.
(٧) سورة النساء، الآية ٧٢.