تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حدرج]:

صفحة 320 - الجزء 3

  ومن المجَاز: حَدَجَه يَحْدِجُه حَدْجاً، الحَدْجُ: الرَّمْيُ بالسَّهْمِ، وأَصْلُه الرَّمْيُ بالحَدَجِ، ثم استُعِير للرَّمْيِ بِغيْرِه، كما اسْتُعِيرَ⁣(⁣١) الإِحْلابُ وهو الإِعانة على الحَلْبِ للإِعَانَةِ على غَيْرِه، كذا في الأَساس.

  ومن المجاز: الحَدْجُ: الرَّمْيُ بالتُّهَمَةِ، يقال: حَدَجَهُ بذَنْبِ غيره يَحْدِجُه حَدْجاً: حَمَلَه⁣(⁣٢) عليه ورَمَاهْ به.

  ومن المَجاز: حَدَجْتُه بِبَيْعِ سَوْءٍ، ومَتَاعِ سَوْءٍ، وذلك أَن تُلْزِمَهُ الغَبْنَ في البَيْعِ⁣(⁣٣)، ومنه قولُ الشَّاعِر:

  يَعِجُّ⁣(⁣٤) ابنُ خِرْبَاقٍ من البَيْعِ بَعْدَ مَا ... حَدَجْتُ ابنَ خِرْبَاقٍ بجَرْبَاءَ نَازِعِ

  قال الأَزْهَرِيُّ: جَعَلَه كَبَعِيرٍ شُدَّ عليه حِدَاجَتُهُ، حين أَلْزَمَهُ بَيْعاً لا يُقَالُ مِنْهُ.

  وعَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيّ: يُقَالُ: حَدَجْتُه بِبَيْعِ سَوْءٍ، أَي فَعَلْتُ ذلكَ بِه، قال: وَأَنْشَدَنِي ابنُ الأَعْرَابِيّ:

  حَدَجْتُ ابْنَ مَحْدُوجٍ بِسِتِّينَ بَكْرَةً ... فَلَمَّا استَوَتْ رِجْلاهُ ضَجَّ من الوِقْرِ

  قال: وهذا شِعْرُ امرأَةٍ تَزَوَّجها رجلٌ على سِتِّينَ بَكْرَةً.

  والحَدَجَةُ مُحَرَّكَةً: طائِرٌ - يُشبه القَطَا.

  وأَبُو حُدَيْجٍ، كزُبَيْرٍ: اللَّقْلَقُ بلغةِ أَهلِ العِرَاق.

  وأَبُو شُبَاثٍ كغُرَابٍ: حُدَيْجُ بنُ سَلَامَةَ، صحابِيٌّ.

  ومن المجاز التَّحْدِيجُ: التَّحْدِيقُ كذا في الصّحاح.

  وحَدَجَ الفَرَسُ يَحْدِجُ حُدُوجاً: نَظَر إِلى شَخصٍ أَو سمعَ صَوْتاً فأَقام أُذنيهِ⁣(⁣٥) نحوَه مع عينَيْه.

  والتَّحْدِيجُ: شِدَّةُ النَّظَرِ بعد رَوْعَةٍ وفَزْعَةٍ.

  وحَدَجَهُ ببَصرِه يَحْدِجُه حَدْجاً وحُدُوجاً، وحَدَّجَهُ تَحْدِيجاً: نَظرَ إِليه نَظَراً يَرْتَاب به الآخَرُ ويَستنكِرُه، وقيل هو شِدّة النَّظَرِ وحِدَّتُهُ، يقال: حَدَجَهُ ببَصرِه، إِذا أَحَدَّ النَّظَرَ إِليهِ، وقيل: حَدَجَه ببصرِه، وحَدَجَ إِليه: رَماهُ به، ورُوِيَ عن ابنِ مسعودٍ أَنّه قال: «حَدِّثِ القَوْمَ ما حَدَجُوكَ بِأَبصارِهم» أَي ما أَحَدُّوا النَّظرَ إِليكَ، يعني ما داموا مُقْبِلِينَ عليكَ، نَشِطِين لسَماعِ حَدِيثِكَ، ويَرْمون⁣(⁣٦) بأَبْصَارِهم، فإِذا رأَيتَهم قد مَلُّوا فدَعْهم. قال الأَزهَرِيّ: وهذا يَدُلُّ على أَنَّ الحَدْجَ⁣(⁣٧) في النَّظرِ يكون بلا رَوْعٍ ولا فَزَعٍ، وفي حديث المِعْراج: «أَ لَمْ تَرَوْا إِلى مَيِّتِكُمْ حينَ يَحْدِجُ ببَصَرِه، فإِنما ينظُرُ إِلى المِعْراجِ من حُسْنِه»، حَدَجَ⁣(⁣٨) ببصَرِه يَحْدِجُ، إِذا حَقَّقَ النَظَرَ إِلى الشيْءِ.

  وسَمَّوْا مَحْدُوجاً، وحُدَيْجاً، وحَدّاجاً كُزُبَيْرٍ، وكَتّانٍ وحُنْدُجاً بالضّمّ.

  وحُدَيْج بن ضرمى الحِمْيريّ، تابِعيّ.

  * ومما يستدرك عليه:

  المِحْدَجُ: مِيسَمٌ من مَيَاسِمِ الإِبِلِ.

  وحَدَجَه: وَسَمَه بالمِحْدَجِ.

  وحَدَجْتُه بمَهْرٍ ثَقِيل: أَلزمْته ذلك بخِدَاع وغَبْن، وهو مَجَاز.

  [حدرج]: حَدْرَجَ: فَتَلَ وأَحْكَمَ فهو مُحَدْرَجٌ: مَفْتُول.

  والمُحَدْرَجُ والحُدْرُجُ، والحُدْرُوجُ، كلُّه: الأَمْلَسُ.

  وَوَتَرٌ مُحَدْرَجُ المَسِّ: شُدَّ فَتْلُه.

  والسَّوْطُ المُحَدْرَجُ: المَفْتُولُ المُغَارُ، قال الفَرَزْدَق:

  أَخافُ زِياداً يَكونَ عَطَاؤُه ... أَدَاهِمَ سُوداً أَو مُحَدْرَجَةً سُمْرَا⁣(⁣٩)

  يَعني بالأَداهمِ القُيُودَ، وبالمُحَدْرَجَةِ: السِّيَاطَ، وقول القُحَيْفِ العُقَيْلِيّ:


(١) في الأساس: كما استعاروا.

(٢) عن اللسان، وبالأصل «حمل عليه».

(٣) في التهذيب: إِذا ألزمته بيعاً غبنته فيه.

(٤) الأساس: يضج بدل يعج.

(٥) اللسان: أذنه.

(٦) في التهذيب: حدثهم ما داموا يشتهون حديثك ويرمونك بأبصارهم.

(٧) الأصل واللسان عن التهذيب، وفي التهذيب: الحديث.

(٨) عن النهاية، وبالأصل «حدجه».

(٩) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله أخاف زياداً الخ قال في التكملة متعقباً الجوهري، والرواية:

فلما خشيت أن يكون عطاؤه ..

وجوابه:

فزعت إلى حرف أضرّ بنيها ... سرى الليل واستعراضها بلداً فقرا»