تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أور]:

صفحة 40 - الجزء 6

  فاستَثْقلَتِ العربُ جَمْعاً بين ضَمَّتَين وواوٍ، وطَرَحُوا هَمْزَة الواوَ؛ لأَنه بَقِيَ بعد طَرْحِهِما حرفان فقالوا: مُرْ فلاناً بكذا وكذا وخُذْ من فلانٍ، وكُلْ، لم يقولوا: أُكُلْ ولا أُخُذْ ولا أُمُرْ، كما تقدَّم، فإِنْ قيل: لمَ رَدُّوا وأُمُرْ⁣(⁣١) إِلى أَصلها ولَمْ يَرُدُّوا كُلَا ولا خُذَا؟ قيل: لسَعَةِ كلامِ العربِ؛ ربما رَدُّوا الشيءَ إِلى أَصلِه، وربما بَنَوْه على ما سَبَقَ له، وربما كَتَبُوا الحرف مهموزاً، وربما كَتَبُوه على تَرْكِ الهمزِة وربما كَتَبُوه على الإِدغام، وربما كتبوه على ترك الإِدغام، وكلُّ ذلك جائز واسع.

  تَتْمِيم:

  العربُ تقول: أَمَرْتُكَ أَن تفْعَل، ولِتَفْعَلَ، وبأَنْ تَفْعَلَ؛ فمَنْ قال: أَمَرتُكَ بأَن تفعلَ فالباءُ للإِلصاق، والمعنى وقع الأَمْرُ بهذا الفِعل، ومنَ قال: أَمرتُكَ أَن تفعلَ، فعلى حذفِ الباءِ، ومَن قال: أَمرتُكَ لِتَفْعَلِ فقد أَخبرَنا بالِعلَّة التي لها وَقَعَ الأَمْرُ، والمعنى أُمِرْنا للإِسلام⁣(⁣٢).

  وقولُه ø: {أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}⁣(⁣٣) قال الزَّجّاج: أَمْرُ الله ما وَعَدَهم به مِن المُجازاةِ على كُفْرِهم مِن أَصنافِ العذاب، والدَّليلُ على ذلك قولُه تعالَى: {حَتّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ}⁣(⁣٤)، أَي جاءَ ما وَعَدْناهُم به، وكذلك قولُه تعالى: {أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً}⁣(⁣٥)؛ وذلك أَنّهم استعجَلُوا العذابَ واستَبْطَئُوا أَمْرَ السَّاعةِ فأَعْلَمَ اللهُ أَنّ ذلك في قُرْبِه بمَنْزِلَةِ ما قد أَتَى، كما قال ø: {وَما أَمْرُ السّاعَةِ إِلّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ}⁣(⁣٦) (⁣٧).

  [أور]: الأُوَارُ، كغُرَابٍ: حَرُّ النّارِ ووَهَجُهَا وشِدَّةُ حَرِّ الشَّمْسِ. ومن المَجَاز: كادَ أَنْ يُغْشَى عليه مِن الأُوَارِ، أَي العَطَش أَو شِدَّته، ومنه قولُهم: رَجُلٌ أُوَارِيٌّ.

  وقيل: هو الدُّخَانُ، واللهبُ.

  قال أَبو حَنِيفَةَ: الأُوَارُ أَرَقُّ من الدُّخَان وأَلْطَفُ.

  ويقال: يومٌ ذُو أُوَارٍ، أَي ذُو سَمُومٍ وحَرٍّ شديد.

  ومن كلام عليٍّ ¥: «فإِنَّ طاعةَ اللهِ حِرْزٌ مِن أُوَارِ نيرانٍ مُوقَدَةِ».

  والأُوَارُ أَيضاً: الجَنُوبُ، ج، أُورٌ، بالضَّمّ.

  ورِيحٌ أُورٌ وإِيرٌ: باردةٌ.

  وقال الكِسَائيُّ: الأُوَارُ مقلوب أَصلُه الوُآرُ، ثم خُفَّفت الهمزةُ فأُبْدِلَتْ في اللَّفْظ واواً فصارتْ وُوَاراً، فلمّا التقَتْ في أَولِ الكلمةِ وَاوَانِ، وأُجْرِيَ غيرُ اللازِم مُجْرَى اللازمِ أُبدِلَت الأُولَى همزةً فصارَتْ أُوَاراً.

  وأَرْضٌ أَوِرَةٌ، كفَرِحَة ووَئِرَةٌ، مقلوبٌ: شَدِيدَتُه أَي الأُوارِ.

  واستَأْوَر: فَزِعَ.

  واستَأْوَرَتِ الإِبل: نَفرَت في السَّهْلِ وكذلك الوَحْشُ، عن الفَرّاءِ، واستَوْأَرَتْ في الحَزْنِ قال الأَصْمَعِيُّ: اسْتَوْأَرَت الإِبلُ، إِذا تَرابَعَتْ على نِفَارٍ واحدٍ، وقال أَبو زَيْد: ذاك إِذا نَفَرتْ فصَعِدَت الجَبَلَ، فإِذا كان نِفَارُهَا في السَّهْل قيل: اسْتَأْوَرَتْ، قال: وهذا كلامُ بَنِي عُقَيْلٍ.

  واستَأْوَرَ: عَجِلَ في الظُّلْمَةِ، كاسْتَوْأَرَ.

  واستَأْوَرَ القَومُ غَضَباً: اشتدَّ غَضَبُهم؛ استفعالٌ من الأُوَار بمعنَى شِدَّةِ الحَرِّ.

  واستَأْوَرَ البَعِيرُ: تَهَيَّأَ للوُثُوبِ وهو بارِكٌ.

  والأَوْرُ، بالفتح: الشَّمَالُ، عن الفرّاءِ.

  والأَوْرُ من السَّحابِ: مُؤُورُهَا.

  والآرُ: العارُ، الهمزةُ بَدَلٌ من العَين.

  وعن ابن السِّكِّيت آرَها يَؤرُهَا، وقال غيرُه: يَئيرُهَا أَيْراً، إِذا جامَعَها.


(١) في التهذيب: «مُرْ».

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: أمرنا للإِسلام، هذه عبارة اللسان، وقد قدم في عبارته: وقوله ø «وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ» الانعام: ٧١، فحذف الشارح صدر هذه العبارة».

(٣) سورة النحل الآية ١.

(٤) سورة هود الآية ٤٠.

(٥) سورة يونس الآية ٢٤.

(٦) سورة النحل الآية ٧٧.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «ترك الشارح بعد قوله أقرب في نسخته بياضاً بقدر خمسة أسطر ولعله أراد أن يكتب شيئا يتعلق بالمقام فتركه».