تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خفتر]:

صفحة 363 - الجزء 6

  المُرَاد في الحَدِيث. وفي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ ¥: «مَنْ ظَلَمَ من المُسْلِمِين أَحَداً فَقَدْ أَخْفَر الله». وفي رواية: ذِمَّةَ اللهِ.

  والتَّخْفِيرُ: التَّسْوِيرُ⁣(⁣١) والتَّحْصِينُ.

  وأَخْفَرَه: بَعَثَ مَعَه خَفِيراً يَمْنَعُه ويَحْرُسُه. قاله أَبو الجَرَّاح العُقَيْليّ.

  وتَخَفَّرَ: اشْتَدَّ حَيَاءُه. هكذا في سائِر أُصُول القَامُوس، وهو يُفْهِم العُمُوم. قال شَيْخُنَا وقد يُدَّعَى التَّخْصِيصُ، تَأَمَّلْ، انْتَهَى، أَي في خَفَر فقط، فإِنَّه الَّذِي صَرَّحوا فِيه بِعَدم إِطْلاقِه على الرِّجَال، ولعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّل أَنّ المادَّة واحِدَةٌ، فلا تَخْصِيصَ. على أَنِّي وَجدت نَصَّ العِبَارَةِ في المُحْكَم: وتَخَفَّرَتْ: اشتَدَّ حَياؤُهَا. هكذا رَأَيْتُه، ونَقَلَه عنه أَيْضاً صاحِبُ اللِّسَان.

  وتَخَفَّرَ بِهِ وخَفَرَه: اسْتَجَارَ به وسَأَله أَنْ يَكُونَ له خَفِيراً يُجِيرُه.

  والخِفَارَةُ، بالكَسْرِ، في النَّخْل: حِفْظُه مِنَ الفَسَادِ، والخِفَارَةُ في الزَّرْعِ: الشِّرَاحَة⁣(⁣٢) وَزْناً ومَعْنًى، وهو الخَفِير والشَّارِحُ، لحافِظِ الزَّرْع.

  [خفتر]: الخَفْتَارُ، أَهْمَلَه الجوهريّ. وقال أَبُو نَصْر: هو مَلِكُ الجَزِيرَةِ أَو مَلِكُ الحَبَشَةِ في قَوْل عَدِيّ بْنِ زَيْد:

  وغُصْنَ على الخَفْتَارِ وَسْطَ جُنُودِه ... وبَيَّتْنَ في لَذَّاتِه رَبَّ مَارِدِ

  أَو الصَّوابُ الحَيْقَارُ⁣(⁣٣)، بفَتْح الحَاءِ المُهْمَلَة وسُكُون التَّحْتِيّة والقَافِ، ابن الحَيْقِ من بني قَنَصِ بنِ مَعَدّ، قاله ابنُ الكَلْبِيّ، أَو الجِيفَارُ، بالجِيمِ والفَاءِ، ولم يَذْكُرهْ في «ج ف ر» ولا في «ح ق ر».

  [خلر]: الخُلَّر، كسُكَّرٍ: نَبَاتٌ، أَعْجَمِيّ، أَو الفُولُ، أَو الجُلْبَانُ، أَو المَاشُ، الأَخِير في التَّهْذِيب، وقد ذَكَرَه الإِمَامُ الشَّافِعِيّ ¥ في الحُبوب التي تُقتَاتُ. وخُلَّارُ كرُمَّانٍ: ع بفارِسَ يُنْسَبُ إِلَيْه العَسَلُ الجَيِّدُ، ومنه كِتَاب الحَجَّاجِ إِلى بَعْضِ عُمَّالِه بفارِس: «أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بعَسَلٍ من عَسَل خُلَّار، من النَّحْلِ الأَبْكَار، من المستشفار، الَّذِي لم تَمَسَّه نَار». كذا وَقَع، والصَّوابُ من الدَّسْتَفْشار، وهي فارسيّة، أَي مِمَّا عَصَرَتْه الأَيْدِي وعَالَجَتْه، وأَوردَه المُصَنّف في تَرْقِيقِ الأَسَل لتَصْفِيقِ العَسَل، مُطَوَّلاً. طَالَ عَهْدِي به، فراجِعْه.

  [خمر]: الخَمْرُ: ما أَسْكَرَ، مادّتها موضوعة للتَّغْطِية والمُخَالَطَة في سِتْرٍ، كذا قالَه الرَّاغِب والصّاغانِيّ وغَيرُهما من أَربابِ الاشْتِقَاق، وتَبِعَهم المُصَنِّف في البصائر.

  واختُلف في حَقِيقَتها، فقِيل هي منْ عَصِيرِ العِنَب خَاصَّةً، وهو مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة، ¦، والكُوفِيِّين، مُرَاعَاةً لفِقْه اللُّغَة: أَوْ عَامٌّ، أَي ما أَسْكَرَ من عَصِيرِ كُلِّ شَيْءِ لأَنَّ المَدَارَ على السُّكْر وغَيْبُوبة العَقْل، وهو الذِي اخْتَاره الجَمَاهِير.

  وقال أَبو حَنِيفة الدِّينَوَرِيّ: وقد تكون الخَمْر من الحُبُوب.

  قال ابن سِيدَه: وأَظُنُّه تَسمُّحاً مِنْه؛ لأَنَّ حَقِيقَة الخَمْر إِنَّمَا هي للعِنَب دون سائِر الأَشْياءِ، كالخَمْرَة، بالهاءِ وقيل: إِنَّ الخَمْرة القِطْعَةُ منْهَا، كما في المِصْبَاح وغَيْره، فَهِيَ أَخَصُّ، والأَعْرَفُ في الخَمْر التَّأْنِيث، يقال خَمْرةٌ صِرْف، وقد يُذَكَّر، وأَنْكره⁣(⁣٤) الأَصْمَعِيّ، والعُمُومُ، أَي كَوْنها عَصِيرَ كُلِّ شَيْءٍ يَحْصُلُ به السُّكْرُ أَصَحُّ، على ما هو عِنْد الجُمْهُور، لأَنَّهَا، أَي الخَمْر حُرِّمَت وَمَا بِالْمَدِينة المُشْرَّفة التي نَزَل التَّحْرِيم فيها خَمْرُ عِنَب، بل وَمَا كَانَ شَرابُهُم إِلَّا من البُسْر والتَّمْر والبَلَح والرُّطَب، كما في الأَحادِيث الصِّحاح التي أَخْرَجَهَا البُخَارِيُّ وغَيْرُه.

  فحدِيثُ ابْنِ عُمَر: «حُرِّمَت الخَمْرُ وما بالمَدِينَة منها شَيْءٌ» وحَدِيثُ أَنَسٍ: «وما شَرابهُم يَوْمَئذٍ إِلَّا الفَضِيخُ والبُسْرُ والتَّمْرُ» أَي ونَزَل تَحْرِيمُ الخَمْر التي كَانت مَوْجُودَةً مِنْ هذِه الأَشياءِ لا في خَمْرِ العِنَب خَاصَّةً. قال شَيْخُنَا: الاسْتِدْلال به وَحْده لا يَخْلُو عن نَظَر، فَتَأَمَّل.

  قلتُ: والبَحْثُ مَبْسُوط في الهِدايَة للإِمَام المرْغينَانيّ


(١) في الصحاح: التشوير، بالشين.

(٢) في القاموس «الشِّراجَة» بالجيم، وعلى هامشه عن نسخة ثانية: الشِّراحَة بالحاء المهملة كالأصل. وصوّب مصححه ما ورد هنا بالأصل.

(٣) في القاموس بكسر الحاء.

(٤) في المطبوعة الكويتية: وأنكر.