[غرر]:
  تَبَصَّرْتُهُمْ حَتَّى إِذا حَالَ دُونَهُمْ ... رُكَامٌ وحادٍ ذُو غَذَامِيرَ صَيْدَحُ(١)
  وقيل: التَّغَذْمُرُ: سُوءُ اللَّفْظِ والتَّخْلِيط في الكَلام. وبه فُسّر حديثُ عليّ: «سَأَلَهُ أَهلُ الطائف أَنْ يَكْتُبَ لهمْ الأَمَانَ بتَحْلِيلِ الرِّبَا والخَمْرِ، فامْتَنَعَ. فقَامُوا ولهُم تَغَذْمُرٌ وبَرْبَرَةٌ» أَي غَضَبٌ وتَخْلِيطُ كَلامٍ.
  ويُقَال: إِنّ قولهم: «ذو غَذَامِيرَ وذُو خَنَاسِيرَ»، كِلاهُمَا لا يُعرَف لهما واحِدٌ. ويُقَال للمُخَلِّط في كَلامِه: إِنَّه لَذُو غَذَامِيرَ، كذا حُكِيَ(٢).
  والمُغَذْمِرُ، من الرِّجالِ: مَنْ(٣) يَرْكَبُ الأُمورَ فَيَأْخُذُ من هذا ويُعْطِي هذا ويَدَعُ لِهذا مِنْ حَقّه ويكونُ ذلك في الكَلام أَيضاً إِذا كان يُخَلِّط فيه، أَو المُغَذْمِر: من يَهَبُ الحُقُوقَ لأَهْلِها، أَو هو الذي يَتَحَمَّل على نَفْسِه في مَالِه، أَو مَنْ يَحْكُم على قَوْمِهِ بما شَاءَ فلا يُرَدُّ حُكْمُه ولا يُعصَى، وهو الرّئيس الَّذِي يَسُوسُ عَشِيرَتَه بما شاءَ من عَدْلٍ وظُلْمٍ(٤). قال لَبِيد:
  ومُقَسِّمٌ يُعطِي العَشِيرَةَ حَقَّها ... ومُغْذْمِرٌ لِحُقُوقِهَا هَضّامُهَا
  ويُرْوَى: «ومُغَثْمِر» وقد تَقَدَّم.
  والغُذَمِرَةُ، كعُلَبِطَةٍ: المُخْتَلِطَةُ من النَّبْت، هكذا نقله الصاغانيّ ولم يَعْزُه.
  وقال الأَزهريّ في ترجمة: «غثمر»: وقال أَبو زَيْد: إِنّه لنَبْتٌ مُغَثْمَر ومُغَذْرَمٌ ومَعْثُومٌ، أَي مُخَلَّط لَيْسَ بِجَيّد.
  [والغُذامِر، كعُلابِطٍ: الكَثِيرُ من الماءِ](٥).
  * وممّا يُسْتَدْرك عليه:
  الغَذْمَرَة: رُكُوبُ الأَمْرِ على غَيْرِ تَثبُّت؛ قاله ابنُ القَطَّاع، وسيأْتي في «غشمر».
  [غرر]: غَرَّه الشَّيْطَانُ يَغُرّه(٦) بالضّمّ غَرًّا، بالفَتْح، وغُرُوراً، بالضمِّ، وغِرَّةً، بالكَسْرِ، الأَخِيرَة عن اللّحْيَانيّ، وغَرَراً، محرّكةً عن ابن القَطّاع، فهو مَغْرُورٌ وغَرِيرٌ، كأَمِيرٍ، الأَخيرة عن أَبي عُبَيْد؛ خَدَعَهُ وأَطْمَعَهُ بالبَاطِلِ، قال الشاعِر:
  إِنّ امْرَأً غَرَّه مِنْكُنَّ واحِدَةٌ ... بَعْدِي وبَعْدَكِ في الدُّنّيَا لَمَغْرُورُ
  أَرَاد لَمَغْرُورٌ جِدًّا أَو لَمَغْرُورٌ حَقَّ مَغْرُورٍ(٧)، ولَوْلا ذلك لم يَكُن في الكَلامِ فائدَة، لأَنّه قد عُلِم أَنّ كُلَّ مَنْ غُرَّ فهو مَغْرُورٌ، فأَيّ فائدةٍ في قوله: لَمَغْرُور؟ إِنّمَا هو على ما فُسِّر؛ كذا في المُحْكَم.
  فاغْتَرَّ هُوَ: قبِلَ الغُرُورَ. وقال أَبو إِسحاق في قولِه تعالَى: {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}(٨) أَي ما خَدَعك وسَوَّلَ لك حتَّى أَضَعْتَ ما وَجَب عليك؟ وقال غَيْرُه: أَي ما خَدَعَكَ بِرَّبِّك وحَمَلَكَ على مَعْصِيَتِهِ والأَمْنِ من عِقَابِه؟ وهذا تَوْبِيخٌ وتَبْكِيتٌ للعَبْد الذي يَأْمَنُ مَكْرَ الله ولا يَخافُه. وقال الأَصمعيّ: ما غَرَّك بفُلانٍ، أَي كَيْفَ اجْتَرَأْتَ عليه؟ وفي الحديث(٩): «عَجِبتُ من غِرَّتِه بالله ø»، أَي اغْتِراره.
  والغَرُورُ، كصَبُورٍ: الدُّنْيَا صِفَةٌ غالِبَة، وبه فُسِّر قولُه تعالى: {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ}(١٠)، قيل لأَنَّهَا تَغُرّ وتَمُرّ.
  والغَرُورُ: ما يُتَغَرْغَرُ بِهِ من الأَدْوِيَةِ، كاللَّعُوقِ والسَّفُوفِ، لِمَا يُلْعَقُ ويُسَفّ.
  والغَرُورُ، أَيضاً: مَا غَرَّك من إِنْسَان وشَيْطَانٍ وغَيْرِهِمَا؛ قاله الأَصْمَعِيّ وقال المُصَنّف في البَصَائر: مِنُ مالٍ وجَاهٍ وشَهْوَةٍ وشَيْطَانٍ، أَو يُخَصّ بالشَّيْطَانِ، عن يَعْقُوبَ، أَي لأَنَّهُ يَغُرّ النّاسَ بالوَعْدِ الكاذِبِ والتَّمْنِيَة، وبه فُسِّرَ قولُه تعالَى: {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ}، وقِيلَ: سُمِّيَ به لأَنّه يَحْمِلُ
(١) ديوانه ص ٣٨ من قصيدة يمدح بشر بن مروان، وانظر فيه تخريجه.
(٢) وردت العبارة في التهذيب.
(٣) اللسان والتهذيب: الذي.
(٤) الأصل واللسان وفي التهذيب: أو ظلمٍ.
(٥) زيادة عن القاموس، وقد نبه إلى هذا النقص بالأصل بهامش المطبوعة المصرية.
(٦) وضعت بالأصل بين الأقواس على اعتبار أنها من القاموس ولم ترد في القاموس المطبوع.
(٧) في اللسان: لمغرور جداً أو لمغرور جدّ مغرور وحقّ مغرور.
(٨) سورة الانفطار الآية ٦.
(٩) في النهاية واللسان: حديث سارق أبي بكر.
(١٠) سورة لقمان الآية ٣٣ وسورة فاطر الآية ٥.