تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قبس]:

صفحة 405 - الجزء 8

فصل القاف مع السين المهملة

  [قبرس]: القُبْرُس، بالضَّمِّ، أَهْمَلَه الجَوْهَريُّ، وقال اللَّيْثُ: هو أَجْوَد النُّحَاسِ، هكذا في التَّكْملَة وفي بَعْض نُسَخ التَّهْذيب، وفي أُخْرَى منها: والقُبْرُسيُّ من النُّحَاس: أَجْوَدُه، وأُراه مَنْسوباً إِلى قُبْرُسَ هذه، يَعنِي من ثُغُورِ الشّام.

  وقُبْرسُ: مَوْضِعٌ، قال ابنُ دُرَيْدٍ: ولا أَحسَبه عَرَبيًّا، وقال غيره: جَزيرَةٌ عَظيمَةٌ للرُّوم، وفي التَّهْذيب: هو من ثُغُور الشّام، وفي التكملة: ثَغْرٌ من الثُّغُور بساحلِ بَحْر الرُّوم، يُنْسَب إِليه الزَّاجُ، بها تُوُفِّيَتْ أُمُّ حَرَامٍ بنْتُ مِلْحَانَ بن خالد بن زَيْد بن حَرَام الأَنْصَاريَّةُ، خالةُ أَنَسٍ، وزَوْجَةُ عُبَادَةَ رضيَ الله تعالَى عنهم. قلتُ: ولها مَقَامٌ عَظيمٌ بظاهر الجَزيرةِ، اجْتَزْتُ بها في البَحْر عنْدَ تَوَجُّهي إِلى بَيْت المَقْدس، وأُخْبرْتُ أَنَّ علَى مَقَامِها أَوْقَافاً هائلَةً وخَدَماً، ويَنْقُلُون لها كَرَاماتٍ، وقِصَّةُ شَهادَتِهَا مَذْكورةٌ في كُتُب السِّيَر، ^.

  [قبس]: القَبَس، مُحَرَّكةً: النّارُ، وقيل: الشُّعْلَةُ من النّار، وفي التَّهْذيب: شُعْلَةٌ من نارٍ تُقْتَبَس، أَي تُؤْخَذُ منْ معْظَم النارِ، ومن ذلكَ قولُه تعالى: {بِشِهابٍ} قَبَسٍ⁣(⁣١) أَي جَذْوَةٍ من نارٍ تَأْخُذُهَا في طَرَفِ عُودٍ. وفي حَديث عليٍّ رضيَ الله تعالَى عنه: «حَتَّى أَوْرَى قَبَساً لقَابسٍ»، أَي أَظْهَر نُوراً من الحَقِّ لطَالِبه، كالْمِقْباس.

  وقَبَسَ يَقْبِس منه ناراً، من حَدِّ ضَرَبَ، وَاقْتَبَسَهَا: أَخَذَهَا.

  واقْتَبَسَ العِلْمَ ومن العِلْمٍ: اسْتَفادَه، كذلكَ اقْتَبَس منه ناراً. وقال الكسَائيُّ: اقْتَبَسْتُ منه عِلْماً وناراً؛ سَواءٌ، قال: وقَبَسْتُ أَيضاً، فيهما. وفي الحديث: «مَن اقْتَبَسَ عِلْماً من النُّجُوم اقْتَبَسَ شُعْبَةً من السِّحْر»، وفي حَديث العِرْباض: «أَتَيْنَاكَ زائِرينَ ومقْتَبسينَ»، أَي طالبينَ العِلْمَ.

  وقابِسُ، كناصر: د، بالمَغْرب بَيْنَ طَرَابُلُس الغَرْب وسَفَاقُسَ، منه أَبو الحَسَن عليُّ بنُ محَمّدٍ المَعَافِريُّ القابِسِيُّ، صاحِب الملَخَّصِ، وغيرُه. والقَابُوس: الرجُلُ الجَمِيلُ الوَجْهِ الحَسَنُ اللَّوْنِ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.

  وأَبو قَابُوسَ: كُنْيَةُ النُّعْمَان بن المُنْذِرِ بن امْرِئِ القَيْسِ بنِ عَمْرِو بن عَدِيٍّ اللّخْمِيِّ مَلِك العَرَبِ، وجَعَلَه النابِغَةُ أَبا قُبَيْسٍ، للضَّرورَةِ، فصَغَّرَه تَصْغِيرَ التّرْخِيمِ، فقال يخُاطِب يَزِيد بنَ الصَّعِقِ:

  فَإِنْ يَقْدِرْ عَلَيْكَ أَبو قُبَيْسٍ ... تَحُطُّ بِكَ المَعِيشَةُ فِي هَوَانِ

  وإِنَّمَا صَغَّرَه وهو يرِيد تَعْظِيمَه، كقولِ حُبَابِ بن المنْذِرِ: «أَنا جُذَيْلُهَا المُحَكَّكُ وعُذَيْقُهَا المُرَجَّب».

  وقَابُوسُ: ممنوعٌ لِلعُجْمةِ والمَعْرِفَةِ، قالَ النّابِغَةُ:

  نُبِّئْتُ أَنَّ أَبا قَابُوسَ أَوْعَدَنِي ... ولا قَرَارَ علَى زَأْرٍ مِنَ الأَسَدِ

  وهو اسمٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبُ كَاوُوس، وبه لُقِّبَ المُلُوكُ الكِيَانِيَّةُ.

  وأَبُو قُبَيْسٍ، مُصَغَّراً: جَبَلٌ بِمَكَّةَ، وهذه عِبَارَة الصّحَاحِ، وفي التَّهْذِيبِ: جَبَلُ مُشْرِفٌ على مَسْجِدِ مَكَّةَ⁣(⁣٢)، سُمِّيَ بِرَجُلٍ مِنْ مَذْحِجٍ، حَدَّادٍ؛ لأَنَّه أَوَّلُ مَن بَنَى فيه، وفي الرَّوْضِ لِلسُّهَيْلِيّ: عُرِفَ أَبو قُبَيْسٍ بقُبَيْسِ بنِ شالَخ⁣(⁣٣)، رجُلٍ من جُرْهُم، كان قد وَشَى بَيْنَ عَمْرِو بنِ مُضَاضٍ وبينَ ابْنَةِ عَمِّه مَيَّةَ، فنَذَرَتْ أَلاّ تُكَلِّمَه، وكان شَدِيدَ الكَلَفِ بها فحَلَف لَيَقْتُلَنَّ قُبَيْساً، فهَرَب منه في الجَبَلِ المَعْرُوفِ به، وانْقَطَع خَبَرُه، فإِمّا ماتَ، وإِمّا تَرَدَّى مِنه، فسُمِّيَ الجَبَلُ أَبَا قُبَيْسٍ، قال: وله خَبَرٌ طَويلٌ ذَكرَه ابنُ هِشَامٍ في غَيْرِ هذا الكِتَاب. وكانَ أَبو قُبَيْسٍ الجَبَلُ هذا يُسَمَّى الأَمِينَ، لأَنَّ الرُّكْنَ، أَي الحَجَرَ الأَسْوَدَ، كان مُسْتَوْدَعاً فيه، كما ذَكَرَه أَهلُ السِّيَرِ والتَّوارِيخ.

  وأَبو قُبيْسٍ: حِصْنٌ مِن أَعْمَال حَلَب، نقلَه الصّاغانِيُّ، وقال ياقُوت: مُقَابِل شَيْزَر، معروفٌ.

  ويزِيدُ بنُ قُبيْسٍ، كزُبَيْرٍ: مُحَدِّثٌ شامِيٌّ، وفَاتَه: أَبُو


(١) سورة النحل الآية ٧.

(٢) الأصل واللسان نقلاً عن التهذيب، وفي التهذيب المطبوع: وأبو قُبَيس جبل بمكة معروف.

(٣) في معجم البلدان «أبو قبيس»: بأبي قبيس بن شامخ.