تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غنص]:

صفحة 318 - الجزء 9

  الرُّمَيْصاءُ، كما تَقَدَّم، من مَنازِلِ القَمَرِ، وهِيَ في الذِّراعِ أَحَدُ الكَوْكَبَيْنِ، وأُخْتُهَا الشِّعْرَى العَبُورُ، وهي الَّتِي خَلْفَ الجَوْزَاءِ. وإِنَّمَا سُمِّيَت الغُمَيْصَاءُ بهذا الاسْمِ لِصِغَرِها، وقِلَّةِ ضَوْئِها، منْ غَمَصِ العَيْن، لأَنَّ العَيْنَ إِذَا غَمِصَتْ صَغُرَتْ.

  ومن أَحادِيثِهِم أَنَّ الشِّعْرَى العَبُورَ قَطَعَت المَجَرَّةَ فسُمِّيَت عَبُوراً، وبَكَت الأُخْرَى على إِثْرِهَا حتّى غَمِصَت فسُمِّيَتِ الغُمَيْصاءَ. ويُقَالُ لهَا الغَموصُ أَيْضاً.

  وقال ابنُ الأَثِيرِ: الغُمَيْصاءُ هي الشِّعَرى الشّامِيَّة وأَكبر كَوْكَبَيِ الذِّراعِ المَقْبُوضَة.

  وقال ابنُ دُرَيْد: تَزْعُم العَرَبُ في أَخبارها أَنَّ الشِّعْرَيَيْنِ أُخْتَا سُهَيْل، وأَنَّهَا كانَت مُجْتَمِعَةً، فانْحَدَرَ سُهَيْلٌ فصار يَمَانِياً، وتَبِعَتْه الشِّعْرَى اليَمَانِيِّة فعَبَرَتِ المَجَرَّةَ⁣(⁣١) فسُمِّيَتْ عَبُوراً، وأَقامَت الغُمَيْصَاءُ مَكَانَهَا فبَكَتْ لِفَقْدِهِمَا حَتَّى غَمِصَتْ عَيْنُهَا، وهي تَصْغِيرُ الغَمْصَاءِ.

  والغُمَيْصَاءُ: ع، ذَكَرَه الجَوْهَرِيّ ولم يُعَيِّنْهُ. وفي اللِّسَان: قال ابْنُ بَرِّيّ: قال ابْنُ وَلاّدٍ في المَقْصُور والمَمْدُودِ في حَرْف الغَيْنِ: هُوَ المَوْضِعُ الَّذِي أَوْقَعَ فيه خالِدُ بنُ الوَلِيدِ، رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنه، ببَنِي جَذِيمَةَ من بَنِي كِنَانَةَ.⁣(⁣٢) قالت امرأَةٌ مِنْهُم:

  وكائِنْ⁣(⁣٣) تَرَى يَوْمَ الغُمَيْصَاءِ مِنْ فَتًى ... أُصِيبَ وَلَمْ يَجْرَحْ وقَدْ كانَ جَارِحَا

  وأَنشد غَيْرُه في الغُمَيْصَاءِ أَيْضاً:

  وأَصْبَحَ عَنِّي بالغُمَيْصَاءِ جالِساً ... فَرِيقانِ مَسْؤُولٌ وآخَرُ يَسْأَلُ⁣(⁣٤)

  قُلْت: هو للشَّنْفَرَى.

  والغُمَيْصَاءُ: اسْمُ أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْه، هكَذَا في سَائِرِ الأُصُولِ، ومِثْلهُ في العُبَاب. وقال شَيْخُنا: هو وَهَمٌ، بل الغُمَيْصاءُ: اسمُ أُمِّ حَرَام بِنْتِ مِلْحَانَ. وأَمَّا أُمَّ أَنَسٍ فالرُّمَيْصاء، كما قَالَه الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ وغَيْرُه. وقِيلَ: هو لَقَبٌ، واسْمُهَا سَهْلَةُ أَو رُمَيْلَةُ، أَو مُلَيْكَةُ. وكُنْيَتُهَا أُمُّ سُلَيم، كما قَالَه جَمَاعَةٌ. انتهى.

  قُلْتُ: وفي مُعْجَمِ الذَّهَبِيّ وابنِ فَهْدٍ: الرُّمَيْصَاءُ أَو الغُمَيْصَاء أُمُّ سُلَيْمٍ زَوْجَةُ أَبي طَلْحَة،⁣(⁣٥) وأُمُّ أَنَسٍ كَبِيرَةُ القَدْر. وقال في الغَيْن: الغُمَيْصَاء وقِيلَ الرُّمَيْصَاء: أُمُّ سُلَيْمٍ بنتُ مِلْحَان.

  وقال ابنُ دُرَيْد بعد ذِكْر الشِّعْرَى الغُمَيْصَاء، وبِهِ سُمِّيَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ الغُمَيْصَاء.

  وقال ابنُ عَبَّادٍ: يُقَال: لَا تَغْمِص عَلَيَّ، أَي لا تَكْذِبْ هكَذَا في سَائِر الأُصول.

  وفي العُبَاب، أَي لا تَغْضَبْ.

  * ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  غَمَصَ اللهُ الخَلْقَ: نَقَصَهم من الطُّولِ، والعَرْض، والقُوَّةِ، والبَطْشِ، فصَغَّرَهُم وحَقَّرَهُمْ، وقد جَاءَ ذلِكَ في حَدِيث عَليٍّ في قَتْلِ ابْنِ آدَمَ أَخَاهُ.

  ورَجُلٌ غَمِصٌ، ككَتِفٍ، على النَّسَب، أَي عَيّابٌ.

  وأَنا مُتَغَمِّصٌ مِنْ هذا الخَبَرِ، ومُتَوَصِّمٌ، وذلِك إِذا كَانَ خَبَراً يُسِرُّ ويَخَافُ أَلاَّ يَكُونَ حَقًّا، أَو يخَافُه ويُسِرُّه.⁣(⁣٦)

  [غنص]: الغَنَصُ، مُحَرَّكَةً، أَهملَه الجَوْهَرِيّ. وقال أَبُو مالكٍ عَمْرُو بنُ كِرْكِرَةَ: هو ضِيقُ الصَّدْرِ، وقد غَنِصَ، كفَرِحَ، كَذَا في العُبابِ والتَّكْمِلَة. وفي اللّسَان، يُقَال: غَنَصَ صَدْرُه غُنُوصاً.

  [غوص]: الغَوْصُ، والمَغَاصُ، والغِيَاصَةُ والغِيَاصُ، كالعَوْذِ، والمَعَاذِ، والعِيَاذَةِ، والعِيَاذِ، صَارَتِ الوَاوُ يَاءً لِانْكِسَار ما قَبْلَهَا: النُّزُولُ تَحْتَ الماءِ، كما في الصّحاحِ.

  وقِيلَ: هو الدُّخُول في الماءِ. غَاصَ فيه يَغُوصُ، فهو


(١) في اللسان: «البحر».

(٢) زيد في معجم البلدان: عام الفتح.

(٣) في معجم البلدان: فكائن.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وأصبح الخ فريقان مرفوع بالابتداء ومسؤول وما بعده بدل منه، وخبر المبتدأ قوله بالغميصاء، وعني متعلق بيسأل، وجالساً حال، والعامل فيه يسأل أيضاً، وفي أصبح ضمير الشأن والقصة ويجوز أن يكون فريقان اسم أصبح، وبالغميصاء الخبر، والأول أظهر، نقله في اللسان عن ابن بري».

(٥) يفهم من عبارة ابن الأثير في أسد الغابة أن الغيمصاء أم سليم تزوجت بأبي طلحة بعد مالك بن النضر.

(٦) في التهذيب: أو يخافه ويسوه ولا يأمن أن يكون حقًّا.