تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مخض]:

صفحة 150 - الجزء 10

  وقَدْ مَحُضَ، ككَرُم، مُحُوضَةً: صَارَ مَحْضاً في حَسَبِه.

  ومن المَجَازِ: هُوَ مَمْحُوضُ الضَّرِيبَةِ: مَمْحُوضُ الحَسَبِ، أَي مُخْلَصٌ⁣(⁣١)، كما في العُبَابِ. قال الأَزْهَرِيُّ: كَلَامُ العَرَبِ: رَجُلٌ مَمْحُوصُ الضَّرِيبَةِ «بِالصَّادِ»⁣(⁣٢) إِذا كانَ مُنَقَّحاً مُهَذَّباً.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه:

  المَحْضُ مِنْ كُلِّ شَيْءِ. الخَالِصُ. وقال الأَزْهَرِيّ: كُلُّ شَيْءٍ خَلَصَ حَتَّى لا يَشُوبُهُ شَيْءٌ يُخَالِطُه فهو مَحْضٌ.

  وفي حَدِيثِ الوَسْوَسَةِ: «ذَاك مَحْضُ الإِيمانِ»، أَي خَالِصُه وصَرِيحُه، وهو مَجَازٌ. ورَجُلٌ مَحْضُ الحَسَبِ: خَالِصُه.

  وجَمْعُهُ مِحَاضٌ وأَمْحَاضٌ. شاهِد المِحَاضِ قَوْلُه:

  تَجِدْ قَوْماً ذَوِي حَسَبٍ وحَالٍ ... كِراماً حَيْثُمَا حُسِبُوا مِحَاضَا

  وشَاهِدُ الأَمْحَاضِ قَوْلُ رُؤْبَةَ:

  بِلَالُ يَا بْنَ الحَسَبِ الأَمْحَاضِ ... لَيْسَ بأَدْنَاسٍ ولا أَغْماضِ

  وأَمْحَضَ الدَّابَّةَ: عَلَفَهَا المَحْضَ، وهو القَتُّ، نَقَلَهُ ابنُ القَطَّاع، وهو مَجَازٌ.

  والمَحْضُ: لَقَبُ جَمَاعَةٍ من العَلَوِيّين، مِنْهُم عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ الحَسَن بنِ عَلِيّ.

  [مخض]: مَخَضَ اللَّبَنَ يَمْخضُه، مُثَلَّثَةَ الآتِي، كما قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ، أَي من حَدّ ضَرَب، ونَصَرَ، ومَنَعَ، فالماضِي مَفْتُوحٌ على كُلِّ حَالٍ: أَخَذَ زُبْدَهُ، فَهُوَ مَخِيضٌ ومَمْخُوضٌ، وقَد تَمَخَّضَ. وقال اللَّيْثُ: المَخْضُ: تَحْرِيكُكَ المِمْخَضَ الَّذِي فِيه اللَّبَنُ المَخِيضُ الَّذِي قَدْ أُخِذَتْ زُبْدَتُه.

  وتَمَخَّضَ اللَّبَنُ. وامْتَخَضَ، أَيْ تَحَرَّكَ في المِمْخَضَةِ.

  وقَدْ يَكُونُ المُخْضُ في أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ. يُقَالُ: مَخَضَ الشَّيْءَ مَخْضاً، إِذا حَرَّكَهُ شَدِيداً.

  وفي الحَدِيثِ: «مُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ تُمْخَضُ مَخْضاً» أَيْ تُحَرَّكُ تَحْرِيكاً سَرِيعاً، كما في اللِّسَان. وفي العُبَاب: تُمْخَضُ مَخْضَ الزِّقِّ فقَالَ: «عَلَيْكُمْ بالقَصْدِ»، أَيْ تُحَرَّكُ تَحْرِيكاً شَدِيداً.

  ومن المَجَازِ: مَخَضَ البَعِيرُ، إِذا هَدَرَ بشِقْشِقَتِهِ. قال رُؤْبَةُ يَصِفُ القُرُومَ:

  يَتْبَعْنَ⁣(⁣٣) زَأْراً وهَدِيراً مَخْضَا ... في عَلِكَاتٍ يَعْتَلِينَ النَّهْضَا

  ومن المَجَازِ: مَخَضَ الدَّلْوَ، هكَذَا في سائِر النُّسَخِ، والصَّوَابُ، كَمَا في الصّحاح والعُباب واللّسان: قال الفَرَّاءُ: مَخَضَ بالدَّلْوِ، إِذَا نَهَزَ بِهَا فِي البِئْر، وأَنْشَد:

  إِنَّ لَنا قَلَيْذَماً هَمُومَا ... يَزِيدُها مَخْضُ الدِّلَا جُمُومَا

  ويُرْوَى «مَخْجُ الدِّلَا».

  ويُقَالُ: مَخَضْتُ البِئْرَ بالدَّلْوِ، إِذا أَكْثَرْتَ النَّزْعَ مِنْهَا بدِلَائكَ وحَرَّكْتَهَا، وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ:

  لَنَمْخَضَنْ⁣(⁣٤) جَوْفَكِ بالدُّلِيِّ

  والمِمْخَضُ، كمِنْبَرٍ: السِّقَاءُ الَّذِي فيه المَخِيضُ.

  ومن المجَازِ: مَخِضَت المَرْأَةُ، وكذلك النَّاقَةُ وغَيْرُهَا من البَهَائمِ، كسَمِعَ، واقْتَصَرَ عليه الجَوْهَرِيُّ. ومَخَضَتْ مِثَال مَنَعَ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ من الجَمَاعَةِ، ولا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هذَا البَابِ مع وُجُودِ حَرْفِ الحَلْقِ، وفيه نَظَرٌ ويُقَال أَيْضاً: مُخِضَتْ، مِثَالُ عُنِيَ، وهذِه قد أَنْكَرَهَا ابنُ الأَعْرَابِيّ، فإِنَّهُ قَالَ: يُقَالُ: مَخِضَت المَرْأَةُ، ولا يُقَالُ مُخِضَتْ، ويُقَال: مَخَضْتُ لَبَنَهَا. وقال نُصَيْرٌ: وعَامَّةُ قَيْسٍ وتَمِيمٍ وأَسَدٍ يَقُولُونَ: مِخِضَت بكَسْرِ المِيمِ، ويَفْعَلُون ذلِكَ فِي كُلِّ حرْفٍ كَانَ قَبْلَ أَحَدِ حُرُوفِ الحَلْقِ، فِعِلْتُ وفِعِيل.

  يَقُولُونَ: بِعِيرٌ وزِئيرٌ ونِهِيقٌ وشِهِيق، ونِهِلَت الإِبِلُ، وسِخِرْتُ مِنْه، ولم يُشِرْ إِلَيْه المُصَنِّفُ، وهو كما تَرَى، لُغَةٌ صَحِيحَةٌ، مَخَاضاً، بالفَتْح، وعليه اقْتَصَر الجَوْهَرِيّ، ومِخَاضاً، بالكَسْر، وبه قَرَأَ ابنُ كَثِيرٍ في الشَّواذّ: فأَجَاءَهَا الْمِخَاضُ⁣(⁣٥) بِكَسْرِ الْمِيمِ. ومَخَّضَتْ تَمْخِيضاً، وفي بعْضِ النُّسَخِ: تَمَخَّضَتْ تَمَخُّضاً، وكِلاهُمَا صَحِيحَان:


(١) ضبطت في التهذيب واللسان بتشديد اللام.

(٢) عن التهذيب، وبالأصل «بالضاد».

(٣) التهذيب واللسان: «يجمعن» وفي اللسان «زأر» برواية: «وزئيراً مخضا».

(٤) اللسان: لتمخضن.

(٥) سورة مريم الآية ٢٣.