تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أمر]

صفحة 360 - الجزء 10

  [أَمرٌ]⁣(⁣١) أَي بَدَرَ وسَبَقَ، وفي الأَسَاس من المجاز: أَنْ يَفْرُطَ⁣(⁣٢) عَلَيْنَا منه بَادِرَةٌ.

  وفَرَطَ عَلَيْنَا فُلانٌ: عَجِلَ بمَكْرُوهٍ.

  ومن المَجَازِ: فَرَطَ الرَّجُلُ وُلْداً، بالضَّمِّ، أَي ماتُوا له صِغَاراً، فكأَنَّهُم سَبَقُوه إِلى الجَنَّةِ. ونصُّ ابنِ القَطّاع: فَرَطَ الرَّجُلُ وَلَدَه: تَقَدَّمه إِلى الجَنَّةِ.

  وفَرَطَ إِلَيْه رَسُولَه، أَي قَدَّمَهُ وأَعْجَلَهُ⁣(⁣٣). وذكر ابنُ دُرَيْدٍ هذا المعنَى في فَرَّطَه تَفْرِيطاً. وسَيَأْتِي للمُصَنِّفِ قَرِيباً وفي اللَّسَانِ: أَفْرَطَه إِفْرَاطاً بهذا المَعْنَى. وأَمَّا فَرَطَه فَرْطاً فلم أَرَهُ لأَحَدٍ من الأَئِمَّةِ، والمادَّةُ لا تَمْنَعه.

  وقال أَبو عَمْرٍو: فَرَطَت النَّخْلَةُ: إِذا تُرِكَت وما لُقِّحَتْ حَتَّى عَسَا طَلْعُها. وأَفْرَطَهَا غَيْرُها، كما في العُبَابِ.

  وفَرَطَ القَوْمَ يَفْرِطُهُمْ⁣(⁣٤) فَرْطاً، بالفَتْحِ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوهَرِيُّ، وفَرَاطَةً، كسَحَابَةٍ، كما في المُحْكَمِ، وفي العُبَابِ: والمَصْدَرُ فَرْطٌ وفُرُوطٌ: تَقَدَّمَهُمْ إِلى الوِرْدِ، وفي الصّحاحِ: سَبَقَهُم إِلى الماءِ، زادَ في العُبَابِ: وتَقَدَّمَهُم.

  وفي المُحْكَمِ: لإِصْلاحِ الحَوْضِ والأَرْشِيَةِ والدِّلاءِ، أَي ليُهَيِّئَهَا لهم، وهُمُ الفُرَّاط كرُمَّان، جمع فَارِطٍ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للقُطامِيِّ:

  فاسْتَعْجَلُونا وكانُوا من صَحَابَتِنَا ... كَمَا تَعَجَّلَ⁣(⁣٥) فُرَّاطٌ لِوُرّادِ

  وشاهدُ الفَارِطِ للوَاحِدِ قولُ الشاعر:

  فأَثَارَ فَارِطُهُم غَطَاطاً جُثَّماً ... أَصْواتُهَا كَتَرَاطُن الفُرْسِ

  والفَرْطُ، بالفَتْحِ: الاسْمُ من الإِفْرَاطِ، وهو مُجَاوَزَة الحَدّ في الأَمْر، يُقال: إِيّاكَ والفَرْطَ في الأَمْرِ، كما في الصّحاحِ، والفَرْط: الغَلَبَةُ، ومنه فَرْطُ الشَّهْوَةِ والحُزْنِ، أَي غَلَبَتُهُما.

  والفَرْطُ: الجَبَلُ الصَّغِيرُ، جمعه فُرُطٌ، عن كُرَاع. أَو الفَرْطُ: رَأْسُ الأكَمَةِ وشَخْصُها، والذي في الصّحاح: الفُرُط، أَي بضَمتين: وَاحِدُ الأفْرَاطِ، وهي آكَامٌ شَبِيهَاتٌ بالجِبَال⁣(⁣٦)، يُقَالُ: البُومُ تَنُوح عَلَى الأَفْرَاطِ. عن أَبِي نَصْرٍ، قال وَعْلَة الجَرْميّ:

  أَم هَلْ سَمَوتُ بجَرّارٍ له لَجَبٌ ... جَمُّ الصَّواهِلِ بينَ السَّهْلِ والفُرُطِ

  والَّذِي في العُبَابِ: الفُرُطُ. والفُرْط أَيْضاً: وَاحِدُ الأَفْرَاطِ، وهي آكامٌ شَبِيهاتٌ بالجِبَالِ، وأَنْشَدَ لحَسّانِ بنِ ثابِتٍ ¥:

  ضَاقَ عَنَّا الشَّعْبُ إِذْ نَجْزَعُهُ ... وَمَلأْنا الفُرْطَ مِنْهُمْ والرَّجَلْ

  قلتُ: وفَسَّره اليَزِيدِيُّ بسَفْحِ الجِبَالِ، قال: وجَمْعُه أَفْرَاطٌ، كقُفْلٍ وأَقْفَالٍ. وأَما قولُ ابنِ بَرّاقَةَ الهَمْدَانَّي:

  إِذا اللَّيْلُ أَرْخَى واسْتَقَلَّت نُجُومُه ... وصَاحَ من الأفْرَاطِ هَامٌ جَوَاثِمُ⁣(⁣٧)

  فاخْتَلَفُوا في هذا فقال بَعْضُهُم: أَرادَ به أَفرَاطَ الصُّبْحِ، لأَنَّ الهامَ إِذا أَحَسَّ بالصَّبَاحِ صَرَخَ. قلتُ وأَنْشَدَه ابنُ بَرِّيّ:

  إِذا اللَّيْلُ أَرْخَى واكْفَهَرَّت نُجُومُه

  ونَسَبَهُ للأَجْدَعِ الهَمْدَانِيِّ وأَنْشَدَ⁣(⁣٨) ابنُ دُرَيْدٍ عَجُزَه غير مَنْسُوبٍ هكذا:

  وصَاحَ على الأفْرَاطِ بُومٌ جَوَاثِمُ

  ثم قال الصّاغَانِيُّ: وقال آخَرُون: الفَرْطُ العَلَمُ المُسْتَقِيمُ من أَعْلَامِ الأَرْضِ يُهْتَدَى به، ج: أَفْرُطٌ، كفَلْسٍ وأَفْلُسٍ، أَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ:

  والبُومُ يَبْكِي شَجْوَهُ في أَفْرُطِهْ


(١) زيادة عن التهذيب.

(٢) في الأساس: ونخاف أن تفرط علينا منه بادرةٌ.

(٣) في القاموس: قدّمه وأرسله.

(٤) الأصل والقاموس واللسان وبهامشه: قوله وفرط القوم يفرطهم كذا ضبط الأصل، وهو لفظ المجد، فمفاده أنه من باب ضرب. قال في المختار: وبابه نصر. وقال في المصباح: هو من باب قعد.

(٥) اللسان: كما تقدم.

(٦) عن التهذيب واللسان وبالأصل «بالحبال».

(٧) اللسان وروايته فيه:

إذا الليل أدجى واكفهرت نجومه ... وصاح من الأفراط بومٌ جواثمُ

(٨) العبارة من هنا إلى قوله يوم جواثم وردت في الأصل بعد قوله كما أنشده الجوهري عن أبي نصر، فقد مناها إلى هنا لمقتضى السياق، وقد قدمت العبارة أيضاً في المطبوعة الكويتية.