كتاب الرد على عبدة النجوم وغيرهم من فرق الملحدين
  وإن قلت: بل ما مضى من الحركات معدوم، فقد أقررت بالحق، وما عدم فقد تناهى.
  فإن قال: وما أنكرت من أن تكون الحركات تحدث وتعدم إلى ما لا نهاية له؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: مسألتك تحتمل وجهين:
  [١] إما إن تكون عنيت ما هو الآن يحدث ويدور.
  [٢] وإما أن تكون عنيت ما مضى وفني بعد حدوثه، فذلك متناهي.
  لأنه على حالين متناهيين، الحدوث ثم الفناء، وما يصح فناء كله بعد حدوثه كله، فله نهاية وغاية.
  وإن كنت تريد بقولك: لا نهاية له ما هو الآن يدور من الحركات، فليس يعقل تناهيه وانقطاعه إلا من المسموع، وقد أخبر الله في كتابه بانتثار الكواكب وانكدارها، وسقوطها حيث يريد وانحدارها.
  ودليل آخر: إما أن يكون ما مضى من جري الشمس في المنزلتين اليمانية والشامية موجوداً، وإما أن يكون معدوماً.
  فإن قلت: إنه موجود أَحَلْتَ، لأنها جرت على المنزلتين دهور مضت قبل حدوثنا بأزمنة مالا يحصيها إلا خالقها.
  وإن قلت: إن ما مضى من جريها معدوم تناها جريها، لما قدمنا من بيان تناهي المعدوم، لأن الذي مضى من جريها على حالين:
  [١] حال في المنزلة اليمانية.
  [٢] وحال في المنزلة الشامية.