كتاب الرد على عبدة النجوم وغيرهم من فرق الملحدين
  وللحالين الماضيين النافذين نهاية وغاية، وأيضاً فقد يدل حدث حركات النجوم في المشرق والمغرب أنها ذات عدد، والعدد على وجهين متناهيين وهما الشفع، والوتر، ولا يخلو ما فني وعدم من هذه المرار، وحساب الحركات والتكرار، من أن يكون شفعاً أو وتراً، وللشفع والوتر نهاية وغاية، لأن الشفع هو الأزواج، والوتر هو الفرود من الحساب، وقد عدم الجميع مما مضى، وتضمنه العدم والفناء.
  فإن قال: وما أنكرت من أن تكون قبل هذه الحركة ساكنة، ثم وجدت بعد سكونها القديم متحركة؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك من قدم السكون الذي ذكرت، لأنها لا تخلو في حال سكونها من أحد وجهين:
  [١] إما أن تكون سكنت دهوراً كثيرة.
  [٢] وإما أن تكون سكنت دهوراً قليلة.
  وللكثير والقليل نهاية وغاية، وقد قدمنا الدليل على حدث الدهر وغايته، وانقطاعه بعد حدوث ساعاته، والحركة والسكون فهما حالان محدثان لا ينفك الجسم منهما، وهما حقيقة الزمان(١)، وما كان مضطراً إلى حالين محدثين لا نجد من أحدهما بداً، ولا عنهما معاً بدداً، فلا بد له مِن ثانٍ بناه عليهما، واضطره في الشاهد إليهما.
(١) نلاحظ بجلاء خلوص الإمام # إلى تعريف الزمان فيزيائياً من خلال الاعتماد على المنطق الصَّرف.