كتاب الرد على الملحدين وغيرهم من فرق الضالين
  فإن قال: وما أنكرت من أن تكون ثبتت بطباع لها من غير عمد يعمدها؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك لأن من طباعها الثقل، لأن أفولها وطلوعها وهويها دليل على قوتها(١) وثقلها، والثقل(٢) لا يستقر إلا على معتمَد، فإذا لم نر لها عمداً علمنا بيقين، أنها ثبتت بلطف مدبرها.
  فإن قال: وما أنكرت من أن يكون الهواء يحملها؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك لأن من طبع الهواء الضعف عن أن يحمل حبة الخردل فما دونها! فكيف يحمل السموات(٣) والنجوم والماء وجبال البرد؟! لأن من طبعها الثقل ومن طبعه الضعف.
  ألا ترى السحاب ليس بينه وبين الماء والبرد مشاكله، وكذلك الهواء لا يشاكل الماء، لأن من طبع الهواء الضعف، فلما وجدنا الماء والسحاب مجتمعين علمنا بيقين أن ذلك الاجتماع ليس من فعلهما، وأن الجامع بينهما غيرهما، لأن من طبع الهواء الضعف، ومن طبع السحاب الخفة والطيشان والضعف، لأن من شأن السحاب الخفيف أن يعلو صعداً، ومن شأن الماء الثقيل(٤) أن ينحدر سفلاً، فيجب على هذه الطبائع(٥) ألا يجتمعا طرفة عين، فأي حديث(٦) أعجب من اجتماع هذه الأضداد التي من شأنها الافتراق؟ وليس من طبعها الاجتماع والالتزاق.
(١) في (أ): كونها.
(٢) في (ب): والثقيل.
(٣) في (ب): والأرض.
(٤) في (أ) و (ب) الثقل، ولعل الصواب: الثقيل.
(٥) في (ب): الطباع.
(٦) في (ب): فأي عجيب أعجب.