كتاب الرد على الملحدين وغيرهم من فرق الضالين
  مسألة فإن قال: فما دَعَاه إلى أن يخلق؟!
  قيل له ولا قوة إلا بالله: كلامك هذا فاسد محال، لا يجوز على الله سبحانه، لأنه لم يزل عالماً بلا داع خطر، لأن الخاطر الداعي من صفات الجهال المخلوقين، الذين يذكرون [بعد](١) النسيان، والناسي لا بد له من مانع منعه، وهو الله الذي فطره على الضعف وصنعه.
  مسألة فإن قال: فأيهما أكثر، إقامته قبل أن يخلق(٢)، أم إقامته بعد أن خلق؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: هذه مسألة محال، لا يصح بها(٣) اعتقاد ولا مقال، لأن الإقامة من صفات المخلوقين، وليست من صفات رب العالمين، والإقامة فإنما هي الحركة والسكون.
  مسألة فإن قال: أخبرني عن الله لِمَ لَمْ يخلق خلقه قبل أن يخلقهم؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: هذه مسألة تستحيل، ولا تثبت عند أحد من أهل العقول، لأنك قلت: يخلق الخلق قبل أن يخلقه، فأوجبت أن قبل الخلق زماناً متقدماً، والله خالق الزمان والمكان، والحين والأوان، وهو الأول الذي لا قبل لأوليته، ولا كيف لأزليته، كان في حال القدم قبل بريته، ولا عقل ولا معقول سواه، ولم يكن معه أزمنة ولا شهور ولا ساعات، ولا أمكنة ولا أوقات، ولا علم غيره ولا معلوم، ولا فهم ولا مفهوم، ولا وهم
(١) ما بين المعكوفين زيادة في (ب) وهي الأصح.
(٢) في (ب): قبل أن يخلق الخلق.
(٣) في (ب): لا تصح في اعتقاد ولا مقال.