كتاب التوحيد والتناهي والتحديد الجزء الأول
  الست: اليمين والشمال والخلف والأمام والفوق والتحت.
  وإما أن تكون أردت به غير ذلك مما سنذكره ونشرحه إن شاء الله ونفسره.
  فإن كنت أردت ما وصفنا من الجهات، فليس(١) جهات غيره تحويه، ولا له مكان سواه يحل فيه، لأنه لو احتاج إلى مكان لاحتاج كل مكان إلى مكان، وهذا فيبطل غاية البطلان، لما دللنا(٢) عليه من حدوث الأمكنة، التي هي من الأفضاء والأهوية.
  وإن أردت بالأمكنة التي ذكرت، وعنها في بدء الكلام سألت، أن الأجزاء الكثيرة منه أماكن كفلته(٣) فقد أصبت، ولا اختلاف بين ذوي العقول فيما به نطقت، ألا ترى أن أطرافه تحوي وسطه، وأن أعلاه جهة لما دونه.
  فإن قال: هل(٤) له أعلى أو هل له أسفل وجوانب أم لا؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: نعم له أعالٍ(٥) وأسافل وجوانب(٦) وقوابل، وكل ما ذكرنا من ذلك فهو حدود وغايات، وليس لها بعد انقطاعه(٧) جهات.
  فإن قال: بين(٨) تلك الحدود مغايرة تعرف، أو هل وراء الحدود شيء يتغاير أو يوصف؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: أما الحدود في أنفسها فالأعالي من الجو مغاير
(١) في (ب): فليس له.
(٢) في (ب): لما قد دللنا.
(٣) في (ب): لقليله بدل كفلته.
(٤) في (ب): فإن قال: هل له أعلى وهل له أسفل.
(٥) في (ب): أعلى وأسافل.
(٦) في (ب): وله جوانب.
(٧) في (ب): بعد انقطاعها.
(٨) في (ب): فإن قال: فهل بين تلك الحدود.