كتاب التوحيد والتناهي والتحديد الجزء الأول
  لأسافله، والأوساط منه فغير قوابله.
  وأما سؤالك عن وراء الحدود فليس لها وراء، ولا شيء يتوهم ولا يرى، وإنما المتوهَّم(١) والمرئي المعقول، هو المحدث المصوَّر المجعول.
  فإن قال: فهل لو أرسل الله جسماً ثقيلاً وخلاه وأهبطه إلى أسفل الجو وأهواه، أيخرج من حدود الجو إلى شيء سواه؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: لو كان ذلك من الله ø، لم يمتنع أن يوسع الله له في المحل.
  فإن قال: فما تقولون لو لم يزد(٢) في محل الجسم وأهمله، وخلاه ينحدر سفلا سفلا(٣) وأرسله؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: لو كان الله ø يريد المحال، ويعبث كما توهمتَ في الأعمال، لكان(٤) يهوي حتى يصل الحدود، ثم فيه كلام.
  فإن قال: وما ذلك الكلام؟
  قيل: يمسكه(٥) في الحد الذي وصل إليه.
  وإما أن يهويه في غير مكان.
  وإما أن يرده من حيث أهواه.
  وإما أن يهويه في مكان لا نهاية له.
  وإما أن يفنيه إذا وصل الحد ويبطله.
(١) في (ب): وإنما الموهوم.
(٢) في النسخ (يرد) بالراء ولعلها (يزد) بالزاي.
(٣) في (ب): سفلاً.
(٤) في (ب): لكان الجسم يهوي.
(٥) في (ب): فإن قال: وما ذلك الكلام، قيل له ولا قوة إلا بالله: إما أن يرسله ويخلق معه مكاناً يهوي فيه وإما أن يمسكه ... إلخ.