كتاب التوحيد والتناهي والتحديد الجزء الأول
  فنسأل الله عالم الغيب والشهادة، أن يجعل حياتنا في طاعته ما أحيانا، وأن يحشرنا مع الأبرار إذا توفانا، ونسأله ø ألا يقبض أرواحنا إلا بعد رضائه عنا، وأن يجعل آخر ساعة من حياتنا في أعظم فروضه التي(١) كلفنا، وألا يخرج أرواحنا من أجسادنا إلا في سبيله عند جهادنا.
  ونسأله أن يمتن(٢) علينا ببلاغ مكروه أعدائه، والنصرة للصادقين من أوليائه، وأن يجعل [نصرة](٣) المحقين آخر أعمالنا(٤)، والشهادة آخر محنتنا، والمقابر أول راحتنا، وأن يغفر لنا ذنوبنا، ويثبت على دينه أقدامنا، وأن يجعل ذكره وتوحيده آخر كلامنا، والغضب له إن شاء الله آخر حقدنا، والرضا فيه آخر ودنا، والمحبة له إن شاء الله(٥) آخر حبنا.
  مسألة فإن قال بعض الملحدين، أو سأل(٦) عن رب العالمين، وقدرته في خلق المخلوقين: فهل(٧) كان الله يقدر أن يخلق الهواء الذي هو محل الأشياء قبل أن يخلقه؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: اعلم أيها السائل أن الله ø لم يزل قادراً، وإنما تقع القدرة على المقدورات، وليس يقول أحد يعقل إن القدرة تقع على المحالات، وهذه مسألة محال، لا يفهمها أحد من الجهال، وذلك أنك جعلت الوقت قبل الهواء بقولك: يخلقه قبل أن يخلقه.
(١) في (ب): الذي.
(٢) في (ب): يمن.
(٣) في (ب): وأن يجعل نصرة المحقين، فما بين المعكوفين زيادة منها.
(٤) في (ب): والثواب آخر آمالنا، وساقط في (أ).
(٥) في (ب): سبحانه.
(٦) في (ب): أو سأل سائل.
(٧) في (ب): فقال: هل كان الله يقدر.