كتاب التوحيد والتناهي والتحديد الجزء الأول
  الدليل يدل على غاية الأجسام، وليس نريد بذلك انقطاع آخر الأزمان، وإنما تناهي الأعراض من الأوقات، تناهي(١) حدوث ساعات وبطلان ساعات، وليس ينقطع حدوثها أبد الأبد، ولا يكون لحدوثها غاية تنقطع ولا أمد، ولا يقطع كرور الساعات قاطع ولا يحد، ذلك(٢) بمشيئة الواحد الأحد الجبار(٣) الفرد الصمد.
  فإن قال قائل: فكيف أوجبت دوام حدوث الساعات، وكرور الأزمنة والأوقات؟! وقد وعد الله سبحانه بالفناء في هذه الدنيا، وحكم الآخرة بالبقاء؟!
  قيل له ولا قوة إلا بالله: إن الله ø إنما أراد بقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ...}[القصص: ٨٨]، الحيوان ولم يرد بذلك(٤) الأوقات والأزمان، وهذا فمعروف بيِّن غاية البيان، فيما نزل الله سبحانه من الفرقان، وذلك قوله سبحانه في ملكة سبأ وما أوتيت، وما حكى ø مما ملكت: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ٢٣}[النمل: ٢٣]، وقد علم(٥) بيقين أنها لم تملك كثيراً من الأشياء، من ذلك ملك سليمان وغيره، وإنما هذا القول خاص في بعض الأشياء دون بعضها.
  مسألة فإن قال قائل: أخبروني هل كان قبل الهواء شيء يعرف، أو يحد(٦) أو يوصف؟
(١) في (ب): وإنما تناهى.
(٢) في (ب): وذلك بمشيئة الواحد.
(٣) في (ب): الواحد الأحد الجليل الفرد الصمد.
(٤) في (ب): ولم بذلك حدث الأوقات.
(٥) في (ب): قد نعلم.
(٦) في (ب): بحد.