مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[الاختلاف في الأجسام والأعراض]

صفحة 360 - الجزء 1

  وعلم هو فروع وتجارب وقياس واستنباط ونظر من المكلفين، واستعمال من المستعملين، والعلم الأول هو العقل الأصل الذي ركبه الواحد الجليل والعلم المستفاد، فإنما هو المعلوم، وليس يسمى علمأ إلا على مجاز الكلام المفهوم والجهل يخرج على وجهين في اللسان، وكلاهما مبين غاية البيان: فجهل هو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه، وجهل هو العمى عن الشيء والبعد من الوصول إليه، وذلك جهل البهائم بالتدبير والدهاء، وغفلتها عن تمييز أهل العقول والنهى.

  وقيل: إن هذا الجهل الثاني ليس بمعنى، وكذلك يقال للجمادات المواتات أنها من الأموات المغفلات، وليس لها موت على الحقيقة يعرف، ولا حياة تحد ولا توصف، والميت بعد حصوله ميتاً فليس موته شيئاً سواه يعلم ولا يتوهم ولا يفهم.

[الاختلاف في الأجسام والأعراض]

  واعلم أن اختلاف الناس في الأجسام والأعراض والجواهر ليس من الدين، ولا هو بحمد الله من فعال المسلمين، بل هو مشغلة عما هو أفضل منه، والله فليس يعاقب من تركه وأعرض عنه، وإني لأعلم منه ما يكبر ويتصل به الخطاب ويتعذر، فما أطلب منه يسيراً إلا وحدث بعده كبيراً غزيراً، إني لا أدعو الناس إلى تعليم ما يشغلهم ولا يضرهم تركه فيهلكهم، وإنما الأصل في الأجسام أن كل ما قام بنفسه وتعلقت الأحوال به فهو جسم محل للأعراض، والعرض هو كل ما كان حالاً في غيره وكان لا ينفرد بذاته ولا يحله سواه، فكل شيء يتحرك ويسكن فهو جسم، وكل شيء لا يتحرك ولا يسكن فهو عرض مثل الحركة والسكون واللون والطعم والرائحة