مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني

صفحة 6 - الجزء 1

  أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ١٨}⁣[الزمر ١٧ - ١٨]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ١٧}⁣[القمر: ١٧]، وهنالك الكثير من الآيات الكريمة التي تختم بقوله تعالى: {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٦٤} {أَفَلَا تَعْقِلُونَ ٤٤}، وكذلك نجد في السنة النبوية عدداً من الأحاديث الصحيحة المثيرة لدفائن العقول، منها ما رواه الإمام أبو طالب # بسنده إلى رسول الله ÷ قال: «من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله والتدبر لكتاب الله، والتفهم لسنتي، زالت الرواسي ولم يزُل، ومن أخذ دينه من أفواه الرجال وقلّدهم فيه ذهبت به الرجال من يمين إلى شمال، وكان من دين الله علي أعظم زوال»⁣(⁣١).

  وقال الإمام القاسم بن إبراهيم $ موضحاً أوجه العبادة وحججها: (والعبادة تقسم على ثلاثة وجوه: أولها: معرفة الله، وثانيها: معرفة ما يرضيه وما يسخطه، وثالثها: اتباع ما يرضيه واجتناب ما يسخطه ... إلى أن قال: فهذه ثلاث عبادات من ثلاث حجج احتج بها المعبود على العباد وهي: العقل، والكتاب، والرسول، فجاءت حجة العقل بمعرفة المعبود، وجاءت حجة الكتاب بمعرفة التعبد، وجاءت حجة الرسول بمعرفة العبادة، والعقل أصل الحجتين الأخيرتين؛ لأنهما عُرفا به ولم يُعرف بهما)⁣(⁣٢).

  وهكذا أدرك أهل البيت $ هذه القيمة الربانية الرفيعة لقضية العقل، فكان منهجهم هو منهج العقل القرآني المحمدي الذي لا يخشى الآخر ولا يأنفه، ولأنه لا يأنفه ولا يخشاه فهو لا يلغيه ولا يقصيه، بل ينفتح عليه


(١) أخرجه الإمام أبو طالب في الأمالي: ١١٥.

(٢) رسائل العدل والتوحيد: ١٢٤.