كان العرب يعرفون معاني القرآن وتأويله:
  شيئاً من القرآن لم تلزمهم به حجة. وقد قال الله، سبحانه: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}[البقرة: ١٤٦].
  والجن لا يناكحون ولا يتناسلون، وإنما خلقوا ضربة ويموتون ضربة؛ والدليل على ذلك ما احتججنا به، على من زعم أن الجن يحتاجون في كل عصر وزمان إلى إمام هدى، وأنه يلزمنا أن نقول: لابد لهم في كل عصر من إمام يقيم لهم الدين، ويفزعون إليه، كما يفزع الناس إلى الإمام في كل عصر وزمان.
  فكان الرد، على من ادعى هذا، أن قلنا: إنما خلقوا ضربة، وليس فيهم تناسل، والدين، الذي أخذوا عن محمد، ~، هو الدين المفروض عليهم لا يحتاجون بعد محمد ÷ إلى أحد بعده؛ لأنهم اخذوه جملة وهم أحياء لا اختلاف بينهم ولا فرقة، وهم على ما تركهم عليه، ~، فمن اراد ان يبدل أو يغير فذلك إليه، لأنهم مخيرون مجبورين، والسلام.
  واعلم - أكرمك الله - ان جوابنا هذا فيه الرد على فرق شتى؛ لأن فيه الرد على المجبرة، وعلى من قال بوسواس إبليس، ممن يدعى القول بالعدل؛ والرد - أيضا - على من يدعى القول بالتوحيد ثم أوجب لإبليس كقدرة الله، ø، والرد على من قال بالاستطاعة مع الفعل، فهو على ضروب شتى.
  فافهم ما في كل ذلك بعينه ولاتدخل شيئا منه في شئ، فإنك تفهم ذلك كله عند تدبره وقراءته، إن شاء الله.
  تم الكتاب والحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم،
  وصلى الله على رسوله محمد بن عبد المطلب، نبي الرحمة،
  وسراج الأمة، وعلى آله وسلم تسليماً
  ***