التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 396 - الجزء 2

  فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ١٠٩ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ


  {وَاتَّقُوا اللَّهَ} عطف على الأوامر المذكورة في الآية للتحذير من المخالفة في شيء منها أو في غيرها، وتمهيداً للأمر بالسماع {وَاسْمَعُوا} أوامر الله سماع من يريد الاتباع، أو بمعنى: اقبلوا، {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} الذين تركوا التقوى والسماع، فهم مخذولون.

  (١٠٩) {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ} اذكر يوم يجمع الله الرسل يوم القيامة {فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} أيُّ إجابة أجبتم في الدنيا من أممكم الذين أرسلتم إليهم إجابة حسنة؟! أم سيئة؟! أم ماذا؟! سؤال عن إجابة أممهم كلها، وهم لا يحيطون بها علماً؛ لأن من أممهم من لم يشاهدوه لغيابه عنهم، أو لأنه كان بعد توفيهم، وكذلك من أممهم من لا يعلمون سره ونيته وما بطن من إجابته، ولذلك نفوا العلم بما يطابق السؤال.

  أما العلم ببعض الإجابة فهو غير مسئول عنه هنا، وفيه دلالة على أنهم لا يعلمون الغيب لا علماً ذاتياً، ولا بإعلام الله تعالى لهم؛ لأنهم نفوا العلم عموماً، ولو كانوا يعلمون ذلك كله لما ساغ النفي للعلم في جواب هذا السؤال، فتأويله: بأنه لا علم لنا ذاتياً خلاف الظاهر، وكذا قوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ}⁣[الأحقاف: ٩] وفي هذا رد على بعض الإمامية الذين يدَّعون أن المهدي يَعْلَمُ أنصاره ومن خالفه ومن هو متَّبع له على التفصيل بأسمائهم، ويعلم ما يفعلون.