التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 399 - الجزء 2

  


  بمطلق النفخ، فتكون طائراً {بِإِذْنِي} بإذني أن تكون طائراً بذلك السبب، وهو صناعة الطين كهيئة الطير والنفخ، فكان سبباً لحياته بجعل الله له سبباً، كما جعل حضانة البيضة سبباً لحياة الفرخ.

  وفي قوله تعالى: {بِإِذْنِي} دلالة على إحاطة قدرة الله تعالى وعلمه بما صنعه عيسى # فلو شاء لم تكن طيراً، ودلالة على سهولة الأمر الخارق على الله، حتى كأنه في وجوده لا يحتاج إلا إلى الإذن بوجوده، وفيه - أيضاً - رد على النصارى الذين زعموا أن إحياءه # للموتى راجع إلى أنه إله سبحان الله عما يقولون علواً كبيراً.

  {وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي} {الأَكْمَهَ} الأعمى الذي ولد أعمى وإيجاد البصر له من الله، وأذن تعالى أن يكون على يد عيسى # معجزة لَه كسائر المعجزات الخارقة للعادة، فقوله: {بِإِذْنِي} كذلك رد على النصارى {وَالأَبْرَصَ} كذلك يصعب علاجه، فإبراؤه معجزة تكون بإذن الله، ولا يستقل بها عيسى بقدرته، كسائر المعجزات التي تكون على أيدي الرسل، كفلق البحر بضربة عصى موسى، والبرص: بياض يكون في الجلد ويكون به الجلد خشناً في ملمسه، وهذا الفارق بينه وبين البهق.

  {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي} {الْمَوْتَى} أي الجنس، مثل: {يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ}⁣[الفرقان: ٧] قال في (المصابيح): والذي أحيى من الموتى رجلين وامرأة، ذكره في (البرهان) انتهى.

  وهذا نظير إحياء الطير، و (إخراج الموتى): إخراجهم من قبورهم، وهذه آية عظيمة لدلالة هذا على إحيائه وقوته على الخروج من بين التراب، فهذه المعجزات تقوية له وتصديق من الله له.