التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 401 - الجزء 2

  أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ١١٢ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ١١٣ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا


  (١١٢) {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} {هَلْ يَسْتَطِيعُ} هل يقدر على هذا الأمر الخارق للعادة؟! وقولهم: {رَبُّكَ} يشير إلى أنهم يريدون أن يدعوَ لهم أو يسأل الله عن ذلك فيجيب من أجل عيسى #، وقولهم: {عَلَيْنَا} لأنهم يريدون المائدة لأنفسهم.

  {قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فلا تشكوا في قدرته على كل شيء، لأن المؤمن لا يرتاب في أن الله على كل شيء قدير، أو لا تسألوا هذا السؤال الموهم للشك في الله لما فيه من قلة الأدب، أو لا تطلبوا الأمر الخارق وقد رأيتم من الآيات ما كفاكم للإيمان بالله وبرسوله، واشتغلوا بتقوى الله عن طلبه، أو أراد الكل من هذه المعاني، فأجابوه عن المعنى الأخير:

  (١١٣) {قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ} {نَأْكُلَ مِنْهَا} لنسد جوعنا {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا} بوقوع الآية التي طلبنا، فنزداد إيماناً، وتسكن قلوبنا عن الخواطر التي تدعو إلى الشك ونحتاج إلى مدافعتها بالتذكر لما مضى من الآيات {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} في كل ما أخبرتنا به عن الله، وعن قدرته، وعن رسالتك، وعن اليوم الآخر {وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ} لنشهد لمن لم يعاينها أنها وقعت هذه الآية العظيمة وعايناها، أي لنتحمل الشهادة بها.