سورة المائدة
  مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ١١٤ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ
  (١١٤) {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} {اللَّهُمَّ} أي يا الله ربنا كلنا، يقابل قولهم: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} {أَنْزِلْ} علينا طلَبَها له ولهم، لعله أراد بذلك أن يعرفوا جده في الدعاء.
  قال الشرفي في (المصابيح): «قال المرتضى #: وإنما سألوا أن تكون المائدة لهم عيداً، وكان ذلك يوم عيد من أعيادهم، فقالوا: {لأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا} وأرادوا جميعهم، وهذا موجود في لغة العرب، تقول: بلغت الرسالة أولهم وآخرهم، وهذا الكلام حسن جميل جائز، وقلت: هل أنزلها عليهم أم لا؟!
  قال #: بل قد أنزلها، ألا تسمع كيف يقول - وقوله الحق -: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} وقد قيل: إنها لم تنزل عليهم، وليس ذلك عندي كذلك؛ لأن الله سبحانه يقول: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} وقوله الحق، ووعده الصدق، تعالى علواً كبيراً» انتهى.
  قلت: ويؤكد أن المراد بقوله تعالى: {لأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا} لجميعنا قوله: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا} ولو كان المراد أن تتكرر للموجودين ومن سيوجد لقال: تكون لنا أعياداً، وقوله: {وَارْزُقْنَا} يدل به على أن سؤال المائدة ليس لمجرد العيد، بل لأنه طلب رزق {وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ثناء على الله بما هو أهله مناسب لطلب الرزق.