التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 403 - الجزء 2

  فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ١١٥ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ١١٦ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ


  (١١٥) {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} {فَمَنْ يَكْفُرْ} يجحد بعد هذه الآية العظيمة التي طلبوها وجاءت لطلبهم، أو يكفر النعمة بعد هذه النعمة العظيمة التي يزدادون بها إيماناً مع ما فيها من التكريم لهم.

  قال الراغب: «والمائدة: الطبق الذي عليه الطعام، ويقال: لكل واحدة منهما: مائدة» انتهى، وقال في (الصحاح): «وهي خوان عليه طعام، فإذا لم يكن عليه طعام فليس بمائدة، وإنما هو خِوَان» انتهى، والأولى: أنه في الآية الطعام على الخوان؛ لقوله: {نَأْكُلَ مِنْهَا} وكما أفاده الراغب.

  وقوله تعالى: {لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} لعل المراد: أنه عذاب خاص، يكون خزياً عليهم من حيث أنه خصهم، وما يروى أنهم طلبوا عيسى أن يريهم من هذه الآية أية أخرى ثم كفروا بعد ذلك فمسخوا قردة وخنازير لا ينبغي اعتماد الرواية إذا لم تأتِ من مصدر صحيح؛ لأن القرآن أثنى على الحواريين، ولم يذكر عنهم سوى هذا السؤال الذي يعاب عليهم، ولا أستبعد أن الرواية من كذب اليهود، اختلقوها على الحواريين عداوةً لهم.

  (١١٦) {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} هذا معطوف على قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ