سورة الأنفال
  رَحِيمٌ ٦٩ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٧٠ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ
  {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} أي في الأسرى {عَذَابٌ عَظِيمٌ} فقد كان تعالى قادراً على أن يجعل في الأسرى قوة ويسلطهم على المسلمين، فيقتلوهم ويضعفوا أمرهم، فيكون للمسلمين ضد ما أمّلوا في الأسرى من الفائدة التي أخذوهم لأجلها.
  (٦٩) {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} {فَكُلُوا} لعل (الفاء) للتفريع على العفو المفهوم من قوله تعالى: {لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} فلكون الكتاب سبق بما اقتضى العفو كلوا {مِمَّا غَنِمْتُمْ} ووجه التفريع: إما أن الغنائم تفرعت على العفو، ولولا العفو لفات النصر وفاتت الغنائم، وإما أنهم كانوا يعاقبون بتحريم الغنائم لولا الكتاب، فإباحتها متفرع على العفو، فكلوا من الغنائم {حَلالا طَيِّبًا} أي هي حلال طيب، فهو حال من (كلوا) {وَاتَّقُوا اللَّهَ} بطاعته في كل شيء من الغنائم وغيرها، ومن ذلك حكمه في أول السورة وقوله: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} كالتعليل لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ} فهو من مغفرته ورحمته.
  (٧٠) {يَا أَيُّهَا النَّبِيْءُ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} {خَيْرًا} الإيمان والنية الصالحة {يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} من الفِدى، ويُعوضكم بخير مما أخذ منكم لإطلاقكم من الأسر، والراجح: أن هذا وعد لهم بتعجيل رزق خير مما غرموا في الفداء.