التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة التوبة

صفحة 227 - الجزء 3

  فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٥ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ


  (٥) {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} {فَإِذَا} تفريع على البراءة من المشركين والأذان، وبيان أن ليس مراد قتالهم في الأشهر الحرم، وهي أربعة يأتي ذكرها في هذه السورة، وانسلاخها: انقضاؤها وذهابها.

  قال الراغب: «السلخ: نزع جلد الحيوان، يقال: سلخته فانسلخ، وعنه: استعير سلختُ درعَه نزعتُها، وسلخ الشهر وانسلخ» انتهى.

  وقوله تعالى: {حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} يدل على قتلهم سواء في بلدهم أو في سفر أو في معركة أو أينما كانوا، مستعدين للقتال أو غير مستعدين، وفيه تخويفٌ لهم، ويحتمل: أن يعم الْحَرَم؛ لقوله تعالى: {فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} ويحتمل: أن هذا العموم مبنيٌ على الخصوص في قوله تعالى: {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}⁣[البقرة: ١٩١].

  {وَخُذُوهُمْ} أسرى إن شئتم، أي اقتلوا مَن شئتم وخذوا مَن شئتم {وَاحْصُرُوهُمْ} امنعوهم من الذهاب حيث شاءوا؛ لتقتلوهم أو تأسروهم متى ضاقوا من حصرهم واضطروا إلى الإستسلام.

  {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} {كُلَّ مَرْصَدٍ} كل مكان يصلح لرصْدِهم وانتظارهم حتى يأتوا عنده فيُقتَلوا أو يُؤخَذوا مثل انتظارهم على طريق يمرون منها.

  {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} لأنهم قد خرجوا من الشرك الذي لأجله أمرتم بقتلهم.