سورة يونس
  مِنَ الْخَاسِرِينَ ٩٥ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ٩٦ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ٩٧ فَلَوْلَا كَانَتْ
  {لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} والحق ما أنزل الله إلى عبده ورسوله محمد ÷ يقول الله لَه: {لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ} الذي ليس محلاً للريب {فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} الشاكين المترددين في أنه الحق من ربك، وفي قوله تعالى: {مِنْ رَبِّكَ} تنبيهٌ على وجوب قَبُوله واتباعه؛ لأنه من ربه المالك المنعم.
  (٩٥) {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} هذا نهي من الله لعبده ورسوله ووعيد لَه إن كذَّب وهو تعبد من ربه يؤجر ويثاب إن أطاع ويعاقب إن عصى كسائر عباد الله، وحاشا رسول الله ÷ من أن يعصي ربه متعمداً أو يشك فيما أنزل إليه أو يكذب بآياته لكن ذلك لا يمنع من أمره ونهيه تعبداً له كسائر عباد الله.
  (٩٦ - ٩٧) {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} {كَلِمَات رَبِّكَ} إما كلماته الدالة على أنهم يعذبون، كقوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ}[الزمر: ١٩] {حَقَّتْ عَلَيْهِمْ} وقعت عليهم وصدقت عليهم لأنهم مجرمون مصرون لا يتوبون أبداً، فشملهم الوعيد بالعذاب، وإما كلماته أنهم لا يؤمنون على اختلاف دلالتها المتفقة في أنهم لن يؤمنوا مثل ما مرَّ في هذه السورة ومثل ما مرَّ في (سورة الأنعام) حول قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةَ ..} الآية [١١١] ومرجع المعنيين واحد، فيمكن شمول هذه الآية لهما معاً.