التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة يونس

صفحة 416 - الجزء 3

  تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ١٠١ فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ١٠٢ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ


  بعيد منه لتركه النظر في الدلائل التي يتوقف الإيمان عليها وعدم استعداده لقبول ما دلت عليه، لأنه كاره لَه تأباه نفسه وترفضه فما كان لَه أن يؤمن وإن كان إيمانه ممكناً لو اختاره بأن يستعد في نفسه لقبول الحق، وينظر في آيات الله بحيث يحصل شرط الإيمان ويذهب المانع، لكن ذلك لا يكون ولا يقع ممن خذل وسلطت عليه الشياطين عقوبة لَه بتمرده وإفساده واستحقاقه للخذلان، فبهذا يظهر خطر العناد على صاحبه، وأن الله غني عن إيمانه، وأفاد ذلك بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ} قذر الخذلان واعتبر قذراً؛ لأنه تحصل معه أقذار المعاصي وسلطان الشيطان.

  (١٠١) {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} {انْظُرُوا} تفكروا بعقولكم {مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} من آيات الله ودلائل قدرته وعلمه.

  {وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَمَا تُغْنِي} حاصله: ما تدفع عنهم {الْآَيَاتُ} لا تنقذهم من النار وأسبابها {عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} ليس من شأنهم أن يؤمنوا لأنهم معرضون عن آيات الله فلا تنفعهم كثرة الآيات في السموات والأرض كما لا تفيد الأعمى كثرةُ الأنوار؛ لأنه ليس من شأنه أن يبصر {وَالنُّذُرُ} جمع نذير، فهي لا تنفعهم؛ لأنهم يكذبون بالنذر.

  (١٠٢) {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ} حين لم تنفعهم الآيات والنذر وأصروا على تكذيبهم بآيات الله وعنادهم {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ} بعد آيات الله ونُذُره {إِلَّا} العقاب العاجل و {مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ} أيام العذاب النازل بالأمم الماضين.