التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة يونس

صفحة 417 - الجزء 3

  ١٠٣ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ


  وانتظارهم لذلك إما مجاز بمعنى أنهم كالمنتظرين لَه؛ لأنه متوقَّع نزوله عليهم وهم مسببون لَه، وإما مجاز بمعنى: أنهم مطالِبون به، كقولهم: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فكأنهم منتظرون لَه، ومثل هذا في مواضع من القرآن قال تعالى: {مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً}⁣[يس: ٤٩] {وَمَا يَنظُرُ هَؤُلاَءِ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً}⁣[ص: ١٥].

  {قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} {قُلْ} يا رسول الله {فَانْتَظِرُوا} أي إن كنتم تنتظرون {مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا} فانتظروا نزوله بكم، أي أنتم أهل أن تنتظروا، أو هو مثل: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}⁣[فصلت: ٤٠] لأن انتظارهم لَه بمعنى الاستمرار على التكذيب بالآيات والنذر والمطالبة بالعذاب إن كان النبي صادقاً {إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} لنزول العذاب عليكم الذي يخصّكم وينجو منه المؤمنون.

  (١٠٣) {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} لَمّا كان قوله تعالى: {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ ..} إلى آخر الآية تفيد: نزول العذاب على الأمم الخالية، وأن ذلك سنة الله في الذين خلوا عَطَف عليها بيان أن مِن سنة الله إنجاءُ الرسل ومن معهم من المؤمنين.

  وقوله: {كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا} أي حَقَّ علينا حقاً أن {نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} أي أن الله كتب على نفسه أن ينجي المؤمنين، وهو وعد مؤكد، ولم يذكر الرسل في آخرها؛ إما لأن العلة في النجاة هي الإيمان والرسل هم أول المؤمنين؛ وإما لأن المراد {نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} في المستقبل إن نزل العذاب في المستقبل وهو لا ينزل مع وجود الرسول ÷ فيهم.