التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة يونس

صفحة 420 - الجزء 3

  مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ١٠٨ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ١٠٩


  وقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} لأنه يصيب بفضله المطيعَ والعاصي، فكأن الإنعام على العاصي نوع من المغفرة والرحمة، كقوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً}⁣[الكهف: ٥٨] وقوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} كقوله تعالى: في (سبأ): {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}⁣[آية: ١٥].

  (١٠٨) {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} {قُلْ} يا رسول الله {قَدْ جَاءَكُمُ} في هذا القرآن وفيما بلغتكم عن الله {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} المالك لكم الذي لَه الحكم فيكم وعليكم وبينكم {فَمَنِ اهْتَدَى} قَبِل الحقَّ وآمن به واتبعه فـ {لِنَفْسِهِ} اهتدى؛ لأن نفع الإهتداء لَه.

  {وَمَنْ ضَلَّ} وغوي عن الحق {فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} أي على نفسه؛ لأن ضر الضلالة عليه {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} فلست مسؤولاً عن ضلال مَن ضل؛ لأني لست عليكم بوكيل، فلم يوكل إليّ أمرُ هدايتكم وضلالكم ليس علي إلا البلاغ، وليس علي هداكم، وهذا في خواتم هذه السورة من أحسن ما يختم به الِحجَاج.

  (١٠٩) {وَاتَّبِعْ} يا محمد {مَا يُوحَى إِلَيْكَ} من ربك {وَاصْبِرْ} لحكم ربك على تبليغ الرسالة وما يكون معه من العناء والجهاد وأذى الأعداء ولطاعة ربك في كل أمر ونهي وعلى بلائه {حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ} بينك وبين من أرسلك إليهم.