سورة الإسراء
  
  قلت: فكانت مشاهدتهم له في اليوم الثاني دليلاً على قطع المسافة كلها في ليلة واحدة.
  وفي (المصابيح): عن الحسين بن القاسم من كلام ذكره الشرفي: «وروي أنه أتى إلى أهل مكة بأخبار من سافر منهم إلى الشام فلما وصل أصحابهم سألوهم عن ذلك فوجدوه حقاً» انتهى المراد.
  وقوله تعالى: {بَارَكْنَا حَوْلَهُ} (البركة): الخير الخفي ولعل المراد بركات الرسالة والوحي في عهد إبراهيم وموسى وعيسى وبركات الأرض هناك لما فيها من الثمرات والماء، وقوله تعالى: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} تعليل للإسراء به أي أنه أسرى به ليريه بعض آياته، فهو تثبيت لقلبه وزيادة في إيمانه.
  وهنا التفات لأن أول الكلام كان ذكرَ آيةٍ تدل على القادر على كل شيء بعبارة الإبهام الذي يفسره الواقع؛ لأنه لا يقدر على ذلك في ظرف إسراء رسول الله ÷ إلا الله القادر على كل شيء، أما التعليل بقوله: {لِنُرِيَهُ} فهو خبر لعلَّة الإسراء بعد تمام ذكره من حيث هو آية، ففائدة الإلتفات واضحة جلية؛ لأن الآية قد انتهى ذكرها من حيث هي آية ودليل على الله، وبعدها ذكر التعليل لتلك الآية.
  وقوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رجوع إلى أسلوب الآية لأنه تابع لها، من حيث أن الإسراء آية ترتبت على أن الله هو السميع البصير؛ ولعل ذلك يشير إلى ما كان قبل الإسراء من طغيان الكفار وتجبرهم على المسلمين واستضعافهم فقد سمع الله أقوالهم وأقوال رسوله لهم وذكره لله، ولعله أيضاً كان يدعو الله فأشار بذلك إلى أنه سمع دعاءه قبل الإسراء.