سورة الإسراء
  دُونِي وَكِيلًا ٢ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ٣ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ
  وكذلك قد رأى سبحانه ما لحق بالرسول ÷ والمؤمنين من الأذى من الكفار وما هم فيه من الضعف، فكل ذلك كان سبباً للإسراء هذا، وسمعه تعالى أنه يتجلَّى لَه المسموع بغير حاسة، وبصره أنه يرى المبصَر بغير حاسة، ولعل علم الغيب للمسموع سمع وللمبصر بصر؛ لقول الله تعالى: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} لأن إحاطة العلم بالمعلوم على أكمل وجه يكون مشاهدة للموجود،.
  وقد فسر السمع والرؤية: بالعلم، ولعل الأولى في التعبير أن العلم المحيط بكل شيء وبظرفه وكل أحواله هو رؤية وسمع للمرئي والمسموع فليس المراد أن مفهوم الرؤية والسمع هو العلم بل المراد أن العلم تحصل به الرؤية والسمع أعني أنه رؤية للمرئي وسمع للمسموع؛ لأنه يتجلى به المرئي والمسموع، ولذلك صح الجمع بين الوصف بالعلم والسمع في قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[آية: ٤] في (سورة الأنبياء).
  (٢) {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} عطف على {أَسْرَى بِعَبْدِهِ} لأن الإسراء آية، وأراه الله فيه من آياته، و {الْكِتَابَ} التوراة، أو هي وسائر صحف موسى {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} لا تشركوا بي غيري تكلون إليه أموركم أي تتوكلون عليه.
  وقوله تعالى {مِنْ دُونِي} نهي عما يقع من المشركين من اتخاذ آلهة من دون الله كالوسائط بينهم وبين الله، أو يتوسلون بها لتقربهم إلى الله؛ لأن كلمة {مِنْ دُونِي} تفيد: اعتبارهم أن شركاءهم أقرب إليهم من الله، فهي عندهم بينهم وبين الله.