التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 271 - الجزء 4

  


  (٥) {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا} {وَعْدُ أُولَاهُمَا} موعود أولاهما أي المرة الأولى من المرتين الموعود بهما في التوراة، أي فسادهم في الأرض المرة الأولى وطغيانهم {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ} أثرنا أي سلَّطنا عليكم {عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} لعله سماهم عباداً لَه تعالى، لأنهم ذهبوا لما سلطهم عليه ذهاب العبد الممتثل، أو لأنهم في حال قوتهم وقهرهم لبني إسرائيل تحت قدرة الله تعالى وقهره، وقوله تعالى: {أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} أهل شر شديد وهو شر قتلهم وقتالهم لبني إسرائيل.

  وقوله تعالى {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} أي خلال دياركم أي دخلوا بلدكم وتخللوا دياركم وجاسوا خلالها، قال في (الصحاح): «أي تخللوها فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار أي يطلبها» انتهى.

  وقال الشرفي في (المصابيح): «قال في (البرهان): يعني قتلوهم بين الدور والمساكن» انتهى. وفي (الكشاف): «وأسند الجَوس وهو التردد خلال الديار بالفساد إليهم» انتهى. وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «معناه: قتلوا و {خِلالَ الدِّيَارِ} معناه: بين الديار» انتهى.

  والجمع بين المعاني: تخللوا الديار تخلل إفساد، فطلبوا بني إسرائيل ليقتلوهم وقتلوهم بين ديارهم.

  وقوله تعالى: {وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا} أي كان ذلك الموعود بوقوعه في المرة الأولى وعداً مفعولاً أي موعوداً به مفعولاً فعله بنو إسرائيل وهو فسادهم وطغيانهم، وفعله المسلطون عليهم أي وقع من بني إسرائيل المرة الأولى الذي هو فسادهم وطغيانهم ووقع التسليط على بني إسرائيل كما وعدوا على ما هو مفصل في الوعد.