سورة الإسراء
  لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ٦ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ
  فقوله تعالى {وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا} عطف على قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ}[الإسراء: ٤] أي قضينا ووقع ما قضينا، أي أخبرناهم بما سيكون منهم وما سيعاقبون به في العاجل فوقع ذلك كما أخبرنا بأنه سيكون.
  (٦) {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} يظهر أن هذا من حكاية ما قضاه الله إلى بني إسرائيل في الكتاب؛ لأنه خطاب لهم، فقوله تعالى: {وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً} جملة معترضة والكَرَّة الرجوع بعد التأخر عن العدو أو بعد الإنهزام وهي من التكرار، وحاصل المعنى نصرناكم عليهم.
  وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «معناه: أعقبنا لكم الدولة» انتهى، وهذا بالنصر من الله لهم حين ذلوا فرجعوا إلى الله فأعاد لهم عزهم.
  وقوله تعالى: {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} يحتمل قبل النصر لترجع لهم شجاعتهم ويعزموا على القتال كما في (قصة طالوت) ولم يكن النصر فيها بكثرة المقاتلين انظر الآيات من (سورة البقرة) من قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلاَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى}[البقرة: ٢٤٦].
  ولعل هذا أي كون ردِّ الكرة لبني إسرائيل لم يكن بكثر المال ولا كثرة النفير قدَّم في الذكر قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} وعطف عليه قوله تعالى {وَأَمْدَدْنَاكُمْ} أما إذا كان المراد وأمددنا بعد رد الكرة علهيم فهو تقوية لهم للمستقبل واختبار لهم أيشكرون أم يطغون كما طغوا أول مرة، وقد كان ذلك مقدمة لقوتهم التي عندها وقعوا في المرة الثانية.