سورة الإسراء
  الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ٧ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا
  وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} أي أكثر جنداً ينفرون للقتال، وظاهره أكثر من العدو الذي سلط عليهم في الماضي.
  (٧) {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} {إِنْ أَحْسَنْتُمْ} حين ترجع لكم قوتكم {أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} لأن النعمة تبقى مع الشكر كما أن عاقبة الإحسان ثواب الآخرة {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} فأفسدتم في الأرض فلأنفسكم تضرون أنفسكم ويكون العقاب الموعود به عليكم، هذا بالنظر إلى السياق والجملة صالحة لما قبل رجوع قوتهم ولما بعده ولكل حين ما دام التكليف، فهو داخل في عموم الجملة أعني في عموم قوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} والمعنى الأول الخاص بحال قوتهم المردودة داخلٌ دخولاً أوّلياً.
  وقوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} أي الموعد به الذي هو المرة الآخرة من المرتين الموعود بهما في الكتاب، وقوله تعالى: {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} يحتمل أنه متعلق بـ {جَاءَ} وأما جواب (إذا) فهو محذوف لدلالة المذكور عليه تقديره: وقع ذلك الجزاء أو نحوه، وهذا من التعليل بغير غرض بل لمجرد التسبيب. وقال في (الكشاف): «التقدير: بعثناهم ليسوءوا وجوهكم، حذف لدلالة ذكره أولاً عليه» انتهى.
  وقوله تعالى: {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} أي يظهر على وجوهكم أثر هجومهم عليكم وتأثيره في قلوبكم الهم والغم والحزن، ومعنى (ساء) ضد معنى (سر).