سورة الكهف
  عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ٧ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ٨ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ٩ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ
  وهذا الأسف إما لحبه لله ورغبته في ظهور دينه وذهاب الشرك فهو يأسف لمن لم يؤمن لهذا السبب، وهذا أقرب بدليل ما بعد هذه، ولعله معنى ما حكاه الشرفي في (المصابيح) عن المرتضى بن الهادي @، وإما إشفاقاً عليهم من عذاب الله، وإما للأمرين.
  وقوله تعالى: {عَلَى آثَارِهِمْ} دليل على شدة الأسف حيث جعل مظنة إهلاكه في ذلك الوقت بعد انصرافهم قبل أن تذهب آثار أقدامهم.
  (٧) {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} فلا يحزنك كفرهم، فإن الله ﷻ أراد أن يبلو أهل الأرض بزينتها، ولم يرد أن يضطرهم إلى الإيمان، بل أراد أن يبلوهم أي يختبرهم، وذلك يلزم منه تمكينهم من اختيار ما شاءوا دون أن يضطرهم إلى الإيمان
  (٨) {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} {مَا عَلَيْهَا} ما على الأرض كله مما جعله الله زينة لها ومن غيره {صَعِيدًا} تراباً على وجه الأرض {جُرُزًا} لا نبات فيه، فزينة الدنيا لم تخلق للبقاء بل هي ذاهبة كلها بعد انقضاء مدة اختبار الناس بها وقرب يوم الحساب أو ذلك كائن أول يوم البعث.
  (٩) {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} {الْكَهْفِ} تجويف في الجبل، يُكنُّ من المطر ويكون فيه ظل من الشمس وأصحاب الكهف هم الذي أووا فيه وناموا سنين عديدة كما يأتي في قصتهم.