سورة الكهف
  هُدًى ١٣ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ١٤ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا
  وقوله تعالى: {أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} أي أحصى أمداً للبثهم في الكهف، أي كم لبثوا فيه، قال في (الصحاح): «قال: ما أمدك: أي منتهى عمرك» انتهى، فالأمد: مدة طويلة إذا أضيفت أريد بها مقدارها باعتبار غايتها.
  قال الراغب: «الأمد والأبد يتقاربان، لكن الأبد: عبارة عن مدة الزمان التي ليس لها حد محدود ولا يتقيد، لا يقال: أبد كذا، والأمد: مدة لها حد مجهول إذا أطلق وقد ينحصر نحو أن يقال: أمد كذا» انتهى المراد.
  (١٣) {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} قال الشرفي في (المصابيح): «قال المرتضى # [يعني محمد بن الهادي @] يقول: نخبرك عن أمرهم على صحة لأن أهل الكتاب كانوا يكذبون ويقولون ما لا يعلمون من أمرهم، فقال ø: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} الذي لا شك يدخله ولا باطل يخالطه، ثم قال سبحانه: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} فذكر سبحانه أنهم آمنوا بربهم فأطاعوه فيما افترض عليهم فزادهم عند ذلك عوناً وتوفيقاً وهداية وتسديداً.
  ثم قال: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} ومعنى الربط منه سبحانه فهو التقوية والتسديد لهم والتوفيق حتى تثبت قلوبهم على الحق فارتبطت به فلم تزل عنه؛ لأن العرب تسمي من ثبت قلبه مرتبط الجنان مرتبط القلب، فلما وفقهم الله ø ارتبطت قلوبهم وثبتت على الحق عزائمهم ولم تزغ مع من زاغ من قومهم، فكان ذلك من الله ø نوراً إلى نور وخيراً إلى خير» انتهى.