التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 558 - الجزء 4

  النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ٣ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٤ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا


  (٣) {لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} {لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} لأنها متوجهة إلى اللعب أو الأغراض الدنيوية، أو النظر في حيلة يردون بها الحجة الواضحة، فهي لاهية بذلك أي منشغلة به، وكأن المراد باللعب: ما هو أعم من المعنى الحقيقي من كل أمر شاغل لا فائدة له تطلب، وإنما يدعو إليه هوى النفس.

  {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي وأسر الناس الذين ظلموا، فهو بدل بعض من كل؛ لأن المجادل في آيات الله والمكذب للرسول ظالم أظلم من الغافل الذي لم يجادل ولم يكذب، وإسرارهم للنجوى دليل على أنهم قد عرفوا الحجة وعجزوا عن دفعها فأسروا التكذيب لعل إسرارهم محاذرة لأن يواجههم الرسول بحجة أخرى أو نحو هذا الغرض، وقولهم {هَلْ هَذَا} أي ما هذا {إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} واستعمال هل لوضوح المنفي وعلم السامع به، وجعلوا ذلك حجة على أنه غير رسول ولا حجة لهم به.

  وقولهم: {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ} تذهبون لسماع القرآن وقبوله، وهوترتيب بـ (الفاء) والإستفهام الإنكاري على ما زعموه حجة وأضافوا دعوى أنه سحر لقوة أثر القرآن في القلوب لما فيه من الإعجاز.

  وقولهم: {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} مبالغة في العناد يدعون أنهم يشاهدون الحقيقة التي يخيِّل السحر خلافها.

  (٤) {قُل رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}] قرأ نافع {قُل} [يا رسول الله لهؤلاء المكذبين {رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ