التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 616 - الجزء 4

  سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ١٠١ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ١٠٢ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ


  وقوله تعالى: {وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ} فالراجح: أنه عبارة عن شدة صوت النار؛ لأن الله تعالى قال: {إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا}⁣[الفرقان: ١٢] فكيف إذا صاروا فيها، فإن صوتها يشغل أسماعهم حتى لا يسمعوا إلا ما شاء الله أن يسمعوه في بعض الحالات بأمر خارق كسماعهم لنداء أصحاب الجنة لهم المذكور في (سورة الأعراف) فهو خارق للعادة، ولذلك قال في الذين سبقت لهم من الله الحسنى: {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} لبعدهم عنها.

  (١٠١ - ١٠٢) {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ۝ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} {سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} سبقت لهم منا الكلمة الحسنى أو العِدَة الحسنى أو نحو هذا كقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} وقوله تعالى في (سورة النجم): {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}⁣[آية: ٣١] وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ۝ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}⁣[القارعة: ٦ - ٧] وسبق الوعد لهم عند خروج آدم من الجنة: {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}⁣[البقرة: ٣٨].

  وقوله تعالى: {أُولَئِكَ عَنْهَا} أي عن جهنم {مُبْعَدُونَ} في مكان بعيد عن جهنم.

  وقوله تعالى: {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} لا يسمعون حسيسها لبعدهم عنها، وحسيسها صوتها الذي يكون من اشتعالها.