التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفرقان

صفحة 223 - الجزء 5

  وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ٦٤ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ٦٥ إِنَّهَا سَاءَتْ


  وقوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} قال الشرفي في (المصابيح): «قال المرتضى #: هذا ذكرٌ من الله تعالى لأوليائه الذين خاطبهم الجاهلون بقبيح القول وسمج اللفظ والإفحاش في الكلام قالوا سلاماً فهو القول الحسن السالم من القبيح والعيب المسلم من غضب الله، فذكر سبحانه أنهم لا يقولون إلا سلاماً وحسناً جميلاً» انتهى.

  وقد يرجَّح حمل {سَلامًا} على التسليم أي قالوا نسلم عليكم سلاماً ولكنه يرجح قول المرتضى # أن لفظ هذه الآية يخالف قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ..} إلى قوله تعالى: {.. سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}⁣[القصص: ٥٥] فهنا لم يقل عليكم ونصب {سَلامًا} فجعْلُهُ وصفاً للقول أقرب من تقدير جملة وحذف المسلم عليهم مع أن المعنى مستقيم؛ لأنه يفيد أنهم لم يردوا على الجاهلين بمثل خطابهم، والجاهلون القائلون بالجهالة والسفاهة، كقول عمرو بن كلثوم في الجهالة:

  ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلين

  (٦٤) {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} هذه من صفات عباد الرحمن، قال الشرفي في (المصابيح): «ومعنى {يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ} أي يكونو [ن] في لياليهم مصلين، قال: والظاهر: أنه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره - ثم قال -: قال الحسن: يبيتون لله على أقدامهم، ويفرشون له جباههم، وتجري دموعهم على خدودهم خوفاً من ربهم». قال الشرفي: «وهو كقوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}⁣[السجدة: ١٦]» انتهى، قلت: وهذا هو الراجح.