التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفرقان

صفحة 224 - الجزء 5

  مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ٦٦ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ٦٧ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا


  وقوله تعالى: {سُجَّدًا وَقِيَامًا} كناية عن الصلاة لأن القيام المشروع في الليل على الإطلاق ليس إلا في الصلاة، وكلام سيد قطب في تفسير الآية مثل هذا، وفي (لسان العرب): «الفراء: بات الرجل إذا سهر الليل كله في طاعة الله أو معصيته» انتهى، ولعله يستشهد له بقول امرئ القيس:

  وبات وباتت له ليلة ... كليلة ذي العائر الأرمد

  وقول آخر:

  فبتّ كأني ساورتني ظئيلة ... من الرقش في أنيابها السم ناقع

  والأولى أن هذا أحد معاني (بات)؛ لأنه يقال: باتوا بمزدلفة سواء ناموا أم لم يناموا إلا أنهم يكونون فيها أكثر الليل.

  وفي (مجموع الإمام زيد بن علي): عن أبيه عن جده عن علي $، قال: «لا يصلي الإمام المغرب والعشاء إلا بجمع، حيث يخطب الناس يصليهما بأذان واحد وإقامة واحدة ثم يبيتون بها ..» الحديث.

  (٦٥) {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} لخوفهم من النار الناتج عن إيمانهم بالجنة والنار يدعون ربهم أن يصرف عنهم عذاب جهنم، كأنه طالب أو بناء على أنها يوم القيامة ستطلب أهلها. {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} خسراناً لازماً لهم ملحاً، قال في (الصحاح): «الغرام: الشر الدائم والعذاب، وقوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} قال أبو عبيدة: أي هلاكاً ولزاماً لهم» انتهى.

  (٦٦) {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} هذا من دعاء (عباد الرحمن) حكاه الله عنهم، لأنه تعليل للدعاء بصرفها، ولعلها جعلت مستقراً باعتبار بقائهم فيها وإن كانوا لا يستقرون؛ لأنهم صاروا فيها وفاتتهم الجنة التي هي المستقر {وَمُقَامًا} محل إقامة وبقاء.