سورة الفرقان
  مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ٧٠ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ
  وقوله تعالى: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} أي في العذاب وتضعيفه؛ لأنه اجتمع عذاب الشرك وعذاب القتل وعذاب الزنا فتضاعف عذابه، فأما عذاب السيئة الواحدة فلا يضاعف ما لم تكن في معنى سيئتين أو سيئات كمن ضرب أمه فاحتمل: إثم الظلم، وإثم العقوق، والمهان: الذي يجعل هيناً حقيراً ذليلاً؛ لأنه في عذاب الخزي.
  (٧٠) {إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} الراجح في {سَيِّئَاتِهِمْ}: أنها عذابهم، كما قال تعالى في آل فرعون {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ}[الأعراف: ١٣٠ - ١٣١] وقال تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ}[النساء: ٧٨] فالعذاب يسمى سيئة يسوء المعذَّب وهو سيء طبعاً، فتبديل سيئاتهم تبديل عذابهم المضاعف حسنات في الجنة أكلها وشربها ولباسها وأزواجها وغير ذلك لأنها حسنات طبعاً وعقلاً.
  ولا يصح تفسير تبديل السيئات بتحويلها حسنات؛ لأنه لو فرض إمكانه، غير متعين، لأن التبديل يستعمل في جعل شيء بدل شيء آخر، قال تعالى: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا}[الأعراف: ٩٥] وقال تعالى: {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ ..} الآية [سبأ: ١٦] وقال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ ..} وقال تعالى: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً}[الكهف: ٥٠] أي ولاية إبليس وذريته بدل ولاية الله تعالى، ويرجح هذا أن التبديل فيه من الله حقيقة.