التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفرقان

صفحة 228 - الجزء 5

  صُمًّا وَعُمْيَانًا ٧٣ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ٧٤ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا


  فإن قيل: ما فائدة هذه الآية {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ ..} بعد قوله تعالى: {يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ

  فالجواب: أن هذه الآية تشير إلى ثواب عظيم، بخلاف قوله تعالى: {يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} لأن الحسنات تصدق على القليل والكثير، وما كل تنكير يفيد التعظيم، ففي هذه زيادة ترغيب عظيم، كما أن في قول الشاعر:

  فلا وأبي الطير المربة بالضحى ... على خالد لقد وقعتِ على لحم

  مدحاً كبيراً.

  (٧٢) {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} {لا يَشْهَدُونَ} لا يحضرون {الزُّورَ} بحيث يسمعونه، والزور مثل قولهم: {إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} وقال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ ..} الآية [النساء: ١٤٠] وهذا أوفق لسياق هذه السورة من تفسيرها بأنهم لا يشهدون الشهادة الزور.

  {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ} اللغو هنا سب المؤمنين يقوله الكفار لهم {مَرُّوا كِرَامًا} لا يسافهون السفهاء، بل أعرضوا عن كلامهم كقوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ..} الآية [القصص: ٥٥] وهذه من صفات عباد الرحمن.

  (٧٣) {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} ربهم الذي يؤمنون به ويخشونه {إِذَا ذُكِّرُوا} نبِّهوا من غفلة أو ذُكِر لهم ما يتذكرون به من وعظ أو دليل حكم إذا ذكروا به تذكروا؛ لأنهم يفتحون أسماعهم وبصائرهم لمن يذكرهم {بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ}.